يستكشف من الإجماع موافقته في هذه المسألة، أي رجوعه إلى أهل اللغة عملا.
ثانيا - قيل: الدليل بناء العقلاء (1) لأن من (2) سيرة العقلاء وبنائهم العملي على الرجوع إلى أهل الخبرة الموثوق بهم في جميع الأمور التي يحتاج في معرفتها إلى خبرة وإعمال الرأي والاجتهاد، كالشؤون الهندسية والطبية ومنها اللغات ودقائقها، ومن المعلوم: أن اللغوي معدود من أهل الخبرة في فنه. والشارع لم يثبت منه الردع عن هذه السيرة العملية، فيستكشف من ذلك موافقته لهم ورضاه بها.
أقول: إن بناء العقلاء إنما يكون حجة إذا كان يستكشف منه على نحو اليقين موافقة الشارع وإمضاؤه لطريقتهم، وهذا بديهي. ولكن نحن نناقش إطلاق المقدمة المتقدمة القائلة: " إن موافقة الشارع لبناء العقلاء تستكشف من مجرد عدم ثبوت ردعه عن طريقتهم " بل لا يحصل هذا الاستكشاف إلا بأحد شروط ثلاثة كلها غير متوفرة في المقام:
1 - ألا يكون مانع من كون الشارع متحد المسلك مع العقلاء في البناء والسيرة، فإنه في هذا الفرض لابد أن يستكشف أنه متحد المسلك معهم بمجرد عدم ثبوت ردعه لأ أنه من العقلاء بل رئيسهم، ولو كان له مسلك ثان لبينه ولعرفناه. وليس هذا مما يخفى.
ومن هذا الباب الظواهر وخبر الواحد، فإن الأخذ بالظواهر والاعتماد عليها في التفهيم مما جرت عليها سيرة العقلاء، والشارع لابد أن يكون متحد المسلك معهم، لأ أنه لا مانع من ذلك بالنسبة إليه وهو منهم بما هم