الثاني مواقع كثيرة من تلك الملازمات، فأثبتنا بعضها في مثل المستقلات العقلية، ونفينا بعضا آخر في مثل مقدمة الواجب ومسألة الضد. أما بعد ثبوت الملازمة وثبوت الملزوم فأي معنى للشك في حجية العقل؟ أو الشك في ثبوت اللازم وهو حكم الشارع؟
ولكن مع كل هذا وقع الشك لبعض الأخباريين في هذا الموضوع، فلابد من تجليته لكشف المغالطة، فنقول:
قد أشرنا في الجزء الثاني (ص 270) إلى هذا النزاع، وقلنا: إن مرجع هذا النزاع إلى ثلاث نواح، وذلك حسب اختلاف عباراتهم:
الأولى: في إمكان أن ينفي الشارع حجية هذا القطع. وقد اتضح لنا ذلك بما شرحناه في حجية القطع الذاتية (ص 22) من هذا الجزء (1) فارجع إليه، لتعرف استحالة النهي عن اتباع القطع.
الثانية: بعد فرض إمكان حجية القطع هل نهى الشارع عن الأخذ بحكم العقل؟ وقد ادعى ذلك جملة من الأخباريين الذين وصل إلينا كلامهم (2) مدعين أن الحكم الشرعي لا يتنجز ولا يجوز الأخذ به إلا إذا ثبت من طريق الكتاب والسنة.
أقول: ومرد هذه الدعوى في الحقيقة إلى دعوى تقييد الأحكام الشرعية بالعلم بها من طريق الكتاب والسنة. وهذا خير ما يوجه به كلامهم. ولكن قد سبق الكلام مفصلا في مسألة اشتراك الأحكام بين العالم والجاهل (ص 34 من هذا الجزء) فقلنا: إنه يستحيل تعليق الأحكام