كما أنها أجنبية عن الطائفة الثانية من الأخبار التي تثني على العقل وتنص على أنه حجة الله الباطنة، لأ نهى تثني على العقل فيما هو من وظيفته أن يدركه، لا على الظنون والأوهام، ولا على ادعاءات إدراك ما لا يدركه العقل بطبيعته.
الناحية الثالثة: بعد فرض عدم إمكان نفي الشارع حجية القطع والنهي عنه، يجب أن نتساءل عن معنى حكم الشارع على طبق حكم العقل؟
والجواب الصحيح عن هذا السؤال عند هؤلاء أن يقال: إن معناه إدراك الشارع وعلمه بأن هذا الفعل ينبغي فعله أو تركه لدى العقلاء، وهذا شئ آخر غير أمره ونهيه، والنافع هو أن نستكشف أمره ونهيه، فيحتاج إثبات أمره ونهيه إلى دليل آخر سمعي، ولا يكفي فيه ذلك الدليل العقلي الذي أقصى ما يستنتج منه أن الشارع عالم بحكم العقلاء، أو أنه حكم بنفس ما حكم به العقلاء، فلا يكون منه أمر مولوي أو نهي مولوي.
أقول: وهذه آخر مرحلة لتوجيه مقالة منكري حجية العقل، وهو توجيه يختص بالمستقلات العقلية. ولهذا التوجيه صورة ظاهرية يمكن أن تنطلي على المبتدئين أكثر من تلك التوجيهات في المراحل السابقة.
وهذا التوجيه ينطوي على إحدى دعويين:
1 - دعوى إنكار الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع، وقد تقدم تفنيدها في الجزء الثاني (ص 293) فلا نعيد.
2 - الدعوى التي أشرنا إليها هناك في آخر ص 294 من الجزء الثاني.
وتوضيحها:
إن ما تطابقت عليها آراء العقلاء هو استحقاق المدح والذم فقط، والمدح والذم غير الثواب والعقاب، فاستحقاقهما لا يستلزم استحقاق