شئ آخر أجنبي عنه، لأن واقعية الاعتقاد لا تستلزم واقعية المعتقد به، يعني أننا قد نصدق المخبر عن اعتقاده في أن هذا هو اعتقاده واقعا، لكن لا يلزمنا أن نصدق بأن ما اعتقده صحيح وله واقعية.
ومن هنا نقول: إنه إذا أخبر شخص بأنه سمع الحكم من المعصوم صح أن نبني على واقعية نقله تصديقا له بمقتضى أدلة حجية الخبر، لأن ذلك يستلزم واقعية المنقول وهو الحكم، إذ لم يمكن التفكيك بين واقعية النقل وواقعية المنقول. أما إذا أخبر عن اعتقاده بأن المعصوم حكم بكذا فلا يصح البناء على واقعية اعتقاده تصديقا له بمقتضى أدلة حجية الخبر، لأن البناء على واقعية اعتقاده تصديقا له لا يستلزم البناء على واقعية معتقده، فيجوز التفكيك بينهما.
فتحصل أن أدلة خبر الواحد إنما تدل على أن الثقة مصدق ويجب تصويبه في نقله، ولا تدل على تصويبه في رأيه واعتقاده وحدسه. وليس هناك أصل عقلائي يقول: إن الأصل في الإنسان - أو الثقة خاصة - أن يكون مصيبا في رأيه وحدسه واعتقاده.
ثانيا: بعد أن ثبت أن أدلة حجية الخبر لا تدل على تصويب الناقل في رأيه وحدسه، فنقول: لو أن ما أخبر به الناقل للإجماع يستلزم في نظر المنقول إليه الحكم الصادر من المعصوم وإن لم يكن في نظر الناقل مستلزما لذلك، فهل هذا أيضا غير مشمول لأدلة حجية الخبر؟
الحق أنه ينبغي أن يكون مشمولا لها، لأن الأخذ به حينئذ لا يكون من جهة تصديق الناقل في رأيه وربما كان الناقل لا يرى الاستلزام، بل لا يكون الأخذ به إلا من جهة تصديقه في نقله، لأ أنه لما كان المنقول - وهو الإجماع - يستلزم في نظر المنقول إليه الحكم الصادر من المعصوم،