قد مضى في الجزء الثاني البحث مستوفى عن الملازمات العقلية، لتشخيص صغريات حجية العقل، أي لتعيين القضايا العقلية التي يتوصل بها إلى الحكم الشرعي وبيان ما هو الدليل العقلي الذي يكون حجة.
وقد حصرناها هناك في قسمين رئيسين:
الأول: حكم العقل بالحسن والقبح وهو قسم المستقلات العقلية.
والثاني: حكمه بالملازمة بين حكم الشرع وحكم آخر (1) وهو قسم غير المستقلات العقلية.
ووعدنا هناك ببيان وجه حجية الدليل العقلي، والآن قد حل الوفاء بالوعد. ولكن قبل بيان وجه الحجية لابد من الكرة بأسلوب جديد إلى البحث عن تلك القضايا العقلية، لغرض بيان الآراء فيها وبيان وجه حصرها وتعيينها فيما ذكرناه، فنقول:
إن علماءنا الأصوليين من المتقدمين حصروا الأدلة على الأحكام الشرعية في الأربعة المعروفة التي رابعها " الدليل العقلي " بينما أن بعض علماء أهل السنة أضافوا إلى الأربعة المذكورة القياس ونحوه، على اختلاف آرائهم. ومن هنا نعرف أن المراد من " الدليل العقلي " مالا يشمل