«أولا» عن قول الشيخ: «من غير فرق»؟ وتفسيره عن الجامع بين الواقعين:
الأصلي والجعلي بلفظ المبرئ للذمة عند المكلف، فلأي سبب نحول المطلب المأخوذ منه إلى صورة الاعتراض عليه، وما دعاه - إلا توضيح بعد الواضح - سوى الرد على من توهم من القائلين بمطلق الظن من أن التكليف يتعلق أولا بالواقع وبعده بالطريق، وجعله توطئة لعدم تقدم الواقع على الطريق حال العلم حتى يلزم منه ما يحاوله الخصم من تقدم الظن بالواقع على الظن بالطريق.
ويشهد بذلك مواضع من كلامه، منها: ما بينه أثناء رد دليل الانسداد ورد قولهم: إن الطريق إلى الوصول إلى الأحكام هو العلم مع الإمكان، ولفظه:
«وإن أريد أن الطريق أولا هو العلم بالأحكام الواقعية فينتقل بعد انسداد سبيله مع العلم ببقاء التكليف إلى الأخذ بالظن بها - فهو ممنوع، بل القدر اللازم أولا ما عرفت من العلم بأداء التكليف شرعا كما مر تفصيل القول فيه. وكون الطريق المقرر أولا في الشريعة هو العلم بالأحكام الواقعية - ممنوع، وليس في الشرع ما يدل على لزوم تحصيل العلم بكل الأحكام الواقعية، بل الظاهر أنه مما لم يقع به التكليف مع انفتاح طريق العلم لما في إناطة التكليف به من الحرج التام بالنسبة إلى عامة الأنام، بل المقرر من الشارع طرق خاصة لأخذ الأحكام، كما قرر طرقا خاصة للحكم في الموضوعات التي أنيط بها الأحكام ونزلها منزلة العلم بها» (1).
وقال بعده بعدة أسطر: «ومحصل الكلام: أن الطرق أولا إلى الواقع هو ما قرره الشارع، وجعله طريقا إلى العلم بتفريغ الذمة لا نفس العلم بأداء الواقع، ولذا إذا علمنا ذلك صح البناء عليه قطعا ولو مع انفتاح باب العلم بالواقع، فعدم وجوب مراعاة القطع بالواقع إذا حصل القطع بتفريغ الذمة في ظاهر الشريعة