(الهداية) ليس إلا بصدد إثبات أن كلا من الواقع ومؤدى الطريق القطعيين موجب لبراءة الذمة عند المكلف بمعنى خروجه عن عهدة التكليف وأمنه من العقاب من غير ترتيب بينهما، فإذا صح له ذلك واتضح لك بما قدمناه، فليكن المؤدى إن شاء عين الواقع وإن شاء فليكن أمرا مستقلا في قباله.
ومع ذلك فما قرره الشيخ مطابق لما قرره في (الهداية) وصرح به في مواضع:
منها: ما نقله الشيخ بنفسه، وسماه اعترافا، فقال: «وقد اعترف المحقق المذكور حيث عبر عنه بأداء الواقع من الطريق المجعول» (1).
ومنها: ما ذكره في أوائل الكلام على دليل الانسداد، وهو وإن لم يكن مورده مورد البحث ولكن يظهر منه ذلك، ودونك ما اقتطفناه منه، ولفظه:
«الحكم الظاهري التكليفي هو الحكم الواقعي في نظر المكلف وبحسب اعتقاده، وليس حكما آخر متعلقا بالمكلف - إلى أن قال - وذلك في الحقيقة طريق شرعي للحكم بكونه الواقع بالنسبة إلى ذلك المكلف» (2).
وقال: «فإن كان المظنون مطابقا للواقع فلا كلام، وإلا كان التكليف بالواقع ساقطا بحسب الواقع، وكان ذلك حكما ثانويا قائما مقام الأول بالنظر إلى الواقع أيضا وإن كان مكلفا به في الظاهر من حيث إنه الواقع» (3) إلى غير ذلك من تصريحاته بذلك، وتوضيحاته له مما لا داعي إلى استقصائه.
ويحق للقلم هنا أن يقف موقف مستعتب لا معنف ومستنصف لا منتصف، سائلا عن أنه كيف جاز للشيخ - أحسن الله إليه - أن يحول ما حققه هذا الإمام في صورة الاعتراض عليه، ويسمى تصريحه به اعترافا؟ وعلى ذلك كله فلم يظهر لنا إلى الآن موقع لهذه الجملة، ولا أن أي ركن