بالطريق، فإنه مستلزم للظن بالحكم بالفراغ ولو لم يظن اعتباره، بل قطع بعدمه» (1).
لم يظهر لنا المراد من قوله: «ولو لم يظن اعتباره» إلى آخره، ولو لا أنه أورده في مقام الاعتراض على العلامة الجد، لقلنا: إنه جملة أجنبية خارجة عما هو بصدده من الاعتراض عليه، لأنه قد اتضح غاية الوضوح أن هذا العلامة همه حصر الحجة في الطرق الشرعية المعتبرة عند الشارع إن أمكن إحراز اعتبارها بالعلم وإلا فبالظن، وعدم كون غيرها مبرئا للذمة هو أساس مذهبه، فإذن ما معنى الظن بالحكم بالفراغ مع الظن بعدم اعتبار الطريق، فضلا عن القطع بعدمه؟.
ثم أجاب عنه بجواب يشتمل على شقوق بعيدة عن مراد المستدل بأبعد من مناط العيوق، وقد صدنا عن نقله إحالة الناظر إلى حاشيته، وعن الجواب عنه وضوحه بما أسلفناه.
وقال في آخره: «فأين المجال لحكم المولى بالبراءة أو الاشتغال المستتبع لحكم العقل بهما؟ وليس الفراغ عن تبعة التكليف المنجز وعدمه، وصحة المؤاخذة على مخالفته وعدمها من الأمور الجعلية الشرعية، بل يدوران مدار وجود العلة التامة لاستحقاق العقوبة وعدمها الموجب للأمن منها، ومن المعلوم أن ذلك يكون بنظر العقل» (2).
وقال صاحبنا دام تسديده، ما لفظه: «إن ما أسسه من لزوم تحصيل العلم بالبراءة في حكم المكلف لا وجه له، لأنه ليس من وظيفة الآمر الحكم بالبراءة، وإنما يحكم به العقل» (3) إلى آخره.