[الواجبة] (1) من سجود وقراءة، وليست إلا إطاعة واحدة، فليكن الانقياد المقابل للتجري مثله وهذا مراد هذا الإمام وإن قال الشيخ طاب ثراه: «ولم يعلم معنى محصلا لهذا الكلام» (2).
ولكن هذا كله بناء على ما يذهب إليه من معارضة الجهة الواقعية مع الجهة الظاهرية - على ما عبر به (3) - ووجود ملاكين للعقاب، ولكنه خلاف ما حققناه من أن المناط في القبح والعقاب ليس إلا أمر واحد مشترك بين التجري والمعصية، أعني التجري اللغوي، ولا تزيد عليه إلا بالقبح الفعلي الذي لا يناط به قبح ولا ذم، وما قتل ولد المولى الحكيم بسيف عبده إلا كموته حتف أنفه إذا لم يكن بتجر منه وإقدام على قتله.
ولا يختص ما ذكرناه بالتجري المصطلح عليه، بل يشمل كل فعل وجد فيه عنوانان: الاجتراء والإقدام على المخالفة نحو الإتيان بمقدمات الحرام بقصد ترتبه عليها وإن لم يتمكن منه كما في (الفصول) (4) وقد حكموا بالحرمة على ما يشبه هذا الباب وإن لم يكن داخلا فيه، كالإقرار بالمعصية قبل التوبة لأنه إظهار للجرأة على الحرام، وعدم الاكتراث به.
وأما قصد المعصية وإن كان من أقسامه بحسب الواقع ولكن القصد ليس من الأفعال الخارجية التي هي الموضوعات لمعظم الأحكام الشرعية، بل هو فعل قلبي من شأنه تصحيح العقاب أو الثواب على الأفعال، فلا يلاحظ معها إلا لحاظا آليا يفني فيها فناء التجري والانقياد في المعصية والطاعة، ويستقل بنفسه