تعدد المعصية لو فرض وجود أثر له، وكذلك كل مرتبة من مراتب الجرح، بالنسبة إلى ما قبلها من الحارصة (1)، والدامية (2)، والجائفة (3)، إذ كل لاحقة منها لا توجد إلا بما قبلها، ولا يؤخذ من الثالثة ثلاث ديات، ولا من الثانية ديتان، ولا يبعد أن يكون العقاب الأخروي أيضا كذلك، وهكذا فليكن الحال في التجري، بل الأمر فيه أوضح، وحيث إن المعصية الواقعية لا يمكن وقوعها إلا بالتجري ولا ينفك عنه اكتفي في العقاب عليه بالعقاب عليها وإن كان العقاب أهون، لو فرض محالا إمكان الافتراق بينهما، كما أن الأمر كذلك لو أمكن الزنا بلا مس، والقتل بلا جرح.
وكلامه رحمه الله في (التنبيه الرابع) من تنبيهات بحث (مقدمة الواجب) كالصريح فيما بيناه، حيث عبر بعد المعصيتين معصية واحدة، فقال ما لفظه:
«التحقيق أن التجري على المعصية معصية أيضا لكنه إن صادفها تداخلا، وعدا معصية واحدة» (4).
فتراه لم يحكم بتداخل العقابين إلا لتداخل المعصيتين، وإن كانت المعصيتان معصية واحدة فلا بد أن يكون العقابان عقابا واحدا، وهذا المعنى الوجداني لا يمكن التعبير عنه بأحسن مما قال، ومن وجد أحسن منه فله الإذن في أن يعبر عنه إن شاء.
ومثل هذا موجود في الطاعات أيضا، فالصلاة مركبة من الأجزاء