على هذا الوجه، فإن تعذر في مورد كان قدحا في الملزوم وانتفاء للصغرى، لا انتفاء للملازمة وقدحا في الكبرى فلا وجه للمناقشة فيها بنحو ما ذكر.
وقد يجاب عن الإشكال بالنسبة إلى الدلالتين معا، بأن التبادر هو فهم المعنى من اللفظ الموضوع بلا واسطة غيره، وفهم الجزء واللازم إنما يحصل بتوسط الكل والملزوم.
وقريب منه ما قيل بالنسبة إلى اللازم، من أن مراد القوم بالتبادر هاهنا ما كان أوليا، وتبادر اللازم ثانوي بدليل الترتب في الانتقال، لوضوح أن أول ما ينتقل إليه الذهن عند سماع اللفظ إنما هو الملزوم، ثم بتوسطه ينتقل إلى اللازم، وهذا الاعتبار بعينه كما ترى يجري في الجزء أيضا، فإن الانتقال أولا يحصل بالنسبة إلى الكل الذي هو عبارة عن مجموع الأجزاء من حيث المجموع.
وكيف كان، فإن رجع هذان الكلامان إلى ما قررناه ففي غاية المتانة وإلا فلا يلتفت إليهما.
وعن الثاني: منع تحقق التبادر في المجاز المشهور لو أريد به حصول فهم المعنى المجازي بملاحظة الشهرة، وعدم صلوحه موردا للنقض لو أريد به ما يحصل مطلقا ولو مع قطع النظر عن الشهرة، فإنه على هذا التقدير تبادر في محل الوضع، بناء على ما عرفت من أن الوضع الذي يستكشف عنه بالتبادر أعم من التعيني.
وعن الثالث: منع تحقق التبادر بالمعنى المبحوث عنه في غير محل الوضع من المطلقات المنصرفة، فإن انصراف المطلق معناه فهم الماهية الكلية باعتبار وجودها في ضمن فردها الشائع وجودا أو إطلاقا، وهذا ينحل إلى قضيتين:
إحداهما: انفهام أصل الماهية.
والأخرى: انفهام اعتبار وجودها في ضمن هذا الفرد الخاص.
والأول يستند إلى نفس اللفظ فيكون من أفراد المبحوث عنه، فلا يصلح نقضا.