تعدد الوضع: فلأن هذا الاشتراك لا يتضمن تعدد الوضع حتى ينفى احتماله بالأصل.
وأما غلبة المجاز في اللغة: فلأنها في نحو الصورة المفروضة غير ثابتة بالقياس إلى المجاز إن لم نقل بثبوتها بالقياس إلى الاشتراك.
وأما غلبة نوع المجاز فإنما ادعيت في كلامهم في مقابلة الاشتراك لفظا لا مطلقا، فتأمل.
وأما الجهة الثانية: فاختلف فيها الجمهور فإنهم بعدما اتفقوا على أن المجاز في نحو هذه الصورة لا يرجح على الاشتراك بين قائل بترجيح الاشتراك كما عن المحقق والعلامة والبيضاوي والرازي، وذاهب إلى الوقف كالمصنف والعميدي والأسوي، وقد تقدم نقل هذين القولين، ومستند الأولين على ما يلوح من تتبع كلماتهم المتفرقة في سائر الأبواب والمسائل الأصولية، الأصل بمعنى القاعدة المستفادة من حكمة الوضع القاضية بأولوية الحقيقة الواحدة بالقياس إلى المجاز والاشتراك، فإنهما على خلاف الأصل بمعنى حكمة الوضع فيرجح الأول.
وقد تمسكوا بهذا الدليل في عدة مواضع، منها: صيغة إفعل على القول باشتراكها معنى بين الوجوب والندب.
ومستند الآخرين على ما يلوح منهم في المواضع المشار إليها، نقض هذا الدليل بكون التزام الوضع للقدر الجامع كرا على ما فروا منه من المجاز المخالف للأصل، التفاتا إلى أن استعمال العام في الخاص أيضا مجاز فلم يحصل التفصي منه بالتزام الحقيقة الواحدة.
وأنت خبير بورود هذا النقض في غير محله، لأن المجاز الذي يلزم مع الوضع للجامع - بناء على قاعدة استعمال العام في الخاص - أهون من المجاز اللازم على تقدير الوضع لأحد المعنيين خاصة، وأقرب إلى حكمة الوضع لأن له وجه حقيقة وهو مجاز يمكن التفصي عنه بإلغاء الخصوصية عند أخذ المعنيين في استعمالات اللفظ، فيكون الاستعمال حينئذ على وجه الحقيقة.