ومنها: الفعل المنفي: خلافا لأبي عبد الله البصري، لان الاضمار لابد منه، وإضمار الصحة أولى، لأنه أقرب مجاز إلى الحقيقة (1).
ومنها: آية السرقة، ليست مجملة في اليد ولا القطع، لان اليد الموضوعة للعضو، من المنكب، واستعماله في البعض
(1) أقول: اختلفوا في قوله " ع ": لا صلاة إلا بطهور، ولا صيام لمن لم يبيت الصيام، ولا صلاة الا بفاتحة الكتاب، ونحو ذلك.
فقال القاضي أبو بكر وأبو عبد الله البصري: أن ذلك مجمل، لان حرف النفي دخل على هذه الحقايق مع تحققها، فلابد من إضمار حكم من الاحكام، كالصحة والكمال، إذ في إضمار كل أحكامها مخالفة الدليل أكثر، فيجب الامتناع عنه، والبعض ليس أولى من البعض، فثبت الاجمال.
ومنع ذلك الباقون: وهو الحق!!
وبيانه يتوقف على مقدمة: وهي أن اللفظ إذا ورد من الشارع، وجب حمله على الحقيقة الشرعية، فإن لم يكن فعلى حقيقته العرفية، فإن لم يكن فعلى حقيقته اللغوية.
فإن كثرت الحقايق، يحمل على حقيقة ضمت إليها قرينة من القرائن، وإن لم يكن قرينة ثبت الاجمال.
وكذلك: إذا تعذر حمله على الحقيقة، ويكون له مجازات، يحمل على أقرب مجاز إلى تلك الحقيقة.
فإن تساوت المجازات، ثبت الاجمال.
إذا ثبتت هذه المقدمة فنقول: وجب حمل هذه الألفاظ على حقايقها الشرعية.
ولو سلم تعذر ذلك: يحمل على نفي الفائدة، إذ هو المعهود من عرف اللغة، كما يقال: لا علم إلا ما نفع، ولا كلام إلا ما أفاد.
ولو سلم أيضا نفي ذلك: يحمل على أقرب مجاز إلى الحقيقة، وهي نفي الصحة لان نفي الصحة أشبه شئ بنفي الحقيقة، وعلى هذه التقادير لا إجمال. " غاية البادي: ص 90 - 91 "