فاما وصف الله تعالى إبليس بالعصيان فإنه علم أنه فعل قبيحا بتركه السجود المأمور به وقد دللنا على أن الامر يقتضى الايجاب فلم يخرج من بابه.
ومن قال بالندب قال علم ذلك بدليل غير الامر فلا يمكن الاستدلال به.
فاما من اعتمد على أن الامر بالشئ نهى عن ضده لفظا أو معنى فلأجل ذلك اقتضى الايجاب فلا يمكن الاعتماد عليه لان عندنا ليس الامر بالشئ نهيا عن ضده وسنبين ذلك فيما بعد (1) فلا يمكن الاعتماد على ذلك.
ولا يمكن أيضا ان يعتمد على أن يقال (2): إن الامر يدل على أن الامر مريد للمأمور به وإذا كان كذلك فلابد أن يكون كارها لضده (2) لان ذلك يفسد من وجهين:
أحدهما: انا قد بينا (3) ان الامر لا يقتضى إرادة المأمور به أصلا فلا يصح ذلك ثم لو اقتضى ذلك لم يجب ان يكون كارها لضده.
والوجه الثاني: ان ذلك يقتضى أن تكون النوافل واجبة لأنها مرادة وقد علمنا أنها ليست مكروهة الضد (4).
ولا يمكن أيضا ان يقال: ان نفس الإرادة للشئ كراهية لضده (5) لان ذلك يفسد من وجهين أيضا: