بقرينة اقترنت إلى الخطاب لان الذي ذكروه مخالف للظاهر لان الله تعالى انما علق ذمه بمخالفة الامر دون القرينة فمن ادعى قرينة احتاج إلى دلالة.
وليس لهم أن يقولوا: ان قوله: ﴿ما منعك الا تسجد﴾ (١) ليس بتوبيخ وانما هو تقرير على الذي حمله على مخالفه الامر وذلك أن هذا خلاف الاجماع لأنه لا خلاف بين الأمة في أن هذا القول ذم لإبليس فمن قال ليس كذلك سقط قوله.
ويدل أيضا على ذلك قوله تعالى: ﴿فليحذر الذين يخالفون عن امره﴾ (2) فحذرنا من مخالفة أوامر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فلولا انها كانت مقتضية للايجاب والا لم يجب الحذر من مخالفته.
فان قالوا: المخالفة ليس هو ان لا يفعل ما اقتضاه الامر بل المخالفة هو رد القول وان يقال: ليس كذلك لان الذي ذكروه ضرب من المخالفة وقد يكون المخالفة ترك المأمور به الا ترى ان القائل إذا قال لغيره (قم أو اقعد) فمضى وقام يقال انه خالفه فكل واحد من الامرين مخالفة ونحن نحمل الآية عليهما جميعا.
وليس لهم ان يقولوا: ان قوله: (فليحذر) قرينة تدل على أن امره على الوجوب دون أن يكون ذلك بمقتضى اللغة لأنه متى لم يكن الامر مقتضيا للايجاب لم يحسن التحذير (3) * من مخالفته الا ترى انه لا يحسن ان يحذرنا من مخالفه ما ندبنا إليه لما لم يكن لها (4) صفة الوجوب ويحسن ذلك فيما يوجبه علينا فعلم