واما قوله تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك) إلى قوله: ﴿مما قضيت ويسلموا تسليما﴾ (١) فلا يمكن الاعتماد عليه أيضا في أن الامر يقتضى الايجاب لان القضاء في الآية بمعنى الالزام وليس بمعنى الامر والالزام هو الايجاب (٢).
وكذلك قوله تعالى: ﴿وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم﴾ (٣) لا يمكن الاعتماد عليه لان القضاء بمعنى الالزام على ما بيناه.
على أن من قال: ان الامر يقتضى الندب لا يقول: ان لهم الخيرة بل يقول: ان الفعل بصفة الندب والأولى فعله والتخيير انما يثبت في المباح المحض وليس ذلك قولا لاحد.
وقوله: ﴿ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا﴾ (٤) لا يمكن أيضا الاعتماد عليه والذي قلناه هو الاعتراض عليه لان العصيان قد يكون بمخالفة المندوب إليه ولأجل هذا حملنا قوله: ﴿وعصى آدم ربه فغوى﴾ (5) على أنه خالف ما ندب إليه وقد يتجاوز ذلك إلى أن يقال فيمن خالف المشورة بأنه عصى فيقولون: (أشرت عليك فعصيتني) فلا يمكن الاعتماد عليه.
والذي قلناه: هو الاعتراض على قول من قال (6): لو لم يقتض الامر الايجاب لما سمي من خالفه عاصيا لأنا قد بينا أن العصيان قد يطلق على مخالفة المندوب إليه.