الله كذبا وما نحن له بمؤمنين * قال رب انصرنى بما كذبون * قال عما قليل ليصبحن نادمين * فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثآء فبعدا للقوم الظالمين) *.
اعلم أن هذه القصة هي قصة هود عليه السلام في قول ابن عباس رضي الله عنهما وأكثر المفسرين واحتجوا عليه بحكاية الله تعالى قول هود عليه السلام: * (واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح) * (الأعراف: 69) ومجئ قصة هود عقيب قصة نوح في سورة الأعراف وسورة هود والشعراء. وقال بعضهم المراد بهم صالح وثمود، لأن قومه الذين كذبوه هم الذين هلكوا بالصيحة، أما كيفية الدعوى فكما تقدم في قصة نوح عليه السلام وههنا سؤالات:
السؤال الأول: حق * (أرسل) * أن يتعدى بإلى كأخواته التي هي وجه وأنفذ وبعث فلم عدى في القرآن بإلى تارة وبفي أخرى كقوله تعالى: * (كذلك أرسلناك في أمة) * * (وما أرسلنا في قرية) * (الأعراف: 94) * (فأرسلنا فيهم رسولا) * (المؤمنون: 32) أي في عاد، وفي موضع آخر * (وإلى عاد أخاهم هودا) * (هود: 50)؟ الجواب: لم يعد بفي كما عدي بإلى ولكن الأمة أو القرية جعلت موضعا للإرسال وعلى هذا المعنى جاء بعث في قوله: * (ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا) * (الفرقان: 51). السؤال الثاني: هل يصح ما قاله بعضهم أن قوله: * (أفلا تتقون) * غير موصول بالأول، وإنما قاله لهم بعد أن كذبوه، وردوا عليه بعد إقامة الحجة عليهم فعند ذلك قال لهم مخوفا مما هم عليه * (أفلا تتقون) * هذه الطريقة مخافة العذاب الذي أنذرتكم به؟ الجواب: يجوز أن يكون موصولا بالكلام الأول بأن رآهم معرضين عن عبادة الله مشتغلين بعبادة الأوثان، فدعاهم إلى عبادة الله وحذرهم من العقاب بسبب إقبالهم على عبادة الأوثان. ثم اعلم أن الله تعالى حكى صفات أولئك القوم وحكى كلامهم، أما الصفات فثلاث هي شر الصفات: أولها: الكفر بالخالق سبحانه وهو المراد من قوله: * (كفروا) * وثانيها: الكفر بيوم القيامة وهو المراد من قوله: * (وكذبوا بلقاء الآخرة) * وثالثها: الانغماس في حب الدنيا وشهواتها وهو المراد من قوله: * (وأترفناهم في الحياة الدنيا) * أي نعمناهم فإن قيل ذكر الله مقالة قوم هود في جوابه في سورة الأعراف وسورة هود بغير واو * (قال الملأ الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة) * (الأعراف: 66)، قالوا * (ما نراك إلا بشرا مثلنا) * (هود: 27) وههنا مع الواو فأي فرق بينهما؟ قلنا الذي بغير واو على تقدير سؤال سائل قال فما قال قومه؟ فقيل له كيت وكيت، وأما الذي مع الواو فعطف لما قالوه على ما قاله ومعناه أنه اجتمع في هذه الواقعة هذا الكلام الحق وهذا الكلام الباطل. وأما شبهات القوم فشيئان: أولهما: قولهم: * (ما هذا إلا بشر