(المسألة الأولى) قرأ حمزة والكسائي (إمهاتكم) بكسر الهمزة، والباقون بضمها.
(المسألة الثانية) أمهاتكم أصله أماتكم: إلا أنه زيد الهاء فيه كما زيد في اراق فقيل: اهراق وشذت زيادتها في الواحدة في قوله:
أمهتى خندف واليأس أبى (المسألة الثالثة) الانسان في خلق في مبدأ الفطرة خاليا عن معرفة الأشياء.
ثم قال (وجعل لكم السمع والابصار والأفئدة) والمعنى: أن النفس الانسانية لما كانت في أول الخلقة خالية عن المعارف والعلوم بالله، فالله أعطاه هذه الحواس ليستفيد بها المعارف والعلوم، وتمام الكلام في هذا الباب يستدعى مزيد تقرير فنقول: التصورات والتصديقات إما أن تكون كسبية، وإما أن تكون بديهية، والكسيات انما يمكن تحصيلها بواسطة تركيبات البديهيات، فلا بد من من سبق هذه العلوم البديهية، وحينئذ لسائل أن يسأل فيقول: هذه العلوم البديهية إما أن يقال إنها كانت حاصلة منذ خلقنا أو ما كانت حاصلة. والأول باطل لأنا بالضرورة نعلم أنا حين كنا جنينا في رحم الام ما كنا نعرف أن النفي والاثبات لا يجتمعان، وما كنا نعرف أن الكل أعظم من الجزء.
(وأما القسم الثاني) فإنه يقتضى أن هذه العلوم البديهية حصلت في نفوسنا بعد أنها ما كانت حاصلة، فحينئذ لا يمكن حصولها إلا بكسب وطلب، وكل ما كان كسبيا فهو مسبوق بعلوم أخرى فهذه العلوم البديهية تصير كسبية، ويجب أن تكون مسبوقة بعلوم أخرى إلى غير نهاية، وكل ذلك محال، وهذا سؤال قوى مشكل.
وجوابه أن نقول: الحق أن هذه العلوم البديهية ما كانت حاصلة في نفوسنا، ثم إنها حدثت وحصلت، أما قوله فيلزم أن تكون كسبية.
قلنا: هذه المقدمة ممنوعة، بل نقول: إنها انما حدثت في نفوسنا بعد عدمها بواسطة إعانة الحواس التي هي السمع والبصر، وتقريره أن النفس كانت في مبدأ الخلقة خالية عن جميع العلوم إلا أنه تعالى خلق السمع والبصر، فإذا أبصر الطفل شيئا مرة بعد أخرى ارتسم في خياله ماهية ذلك المبصر، وكذلك إذا سمع شيئا مرة بعد أخرى ارتسم في سمعه وخياله ماهية ذلك المسموع وكذا القول في سائر الحواس، فيصير حصول الحواس سببا لحضور ماهيات المحسوسات في النفس والعقل ثم إن تلك الماهيات على قسمين: أحد القسمين: ما يكون نفس حضوره موجبا تاما في جزم الذهن باسناد بعضها إلى بعض أو الاثبات: مثل أنه إذا حضر في الذهن أن الواحد ما هو،