قبل مس الضر ونسي حال الجهد. الثاني: مر عن موقف الابتهال والتضرع لا يرجع إليه كأنه لا عهد له به.
المسألة السادسة: قوله تعالى: * (كأن لم يدعنا إلى ضر مسه) * تقديره: كأنه لم يدعنا، ثم أسقط الضمير عنه على سبيل التخفيف ونظيره قوله تعالى: * (كأن لم يلبثوا) * (يونس: 45) قال الحسن: نسي ما دعا الله فيه، وما صنع الله به في إزالة ذلك البلاء عنه:
المسألة السابعة: قال صاحب " النظم ": قوله: * (وإذا مس الإنسان) * * (إذا) * موضوعة للمستقبل.
ثم قال: * (فلما كشفنا) * وهذا للماضي، فهذا النظم يدل على أن معنى الآية أنه هكذا كان فيما مضى وهكذا يكون في المستقبل. فدل ما في الآية من الفعل المستقبل على ما فيه من المعنى المستقبل، وما فيه من الفعل الماضي على ما فيه من المعنى الماضي، وأقول البرهان العقلي مساعد على هذا المعنى وذلك لأن الإنسان جبل على الضعف والعجز وقلة الصبر، وجبل أيضا على الغرور والبطر والنسيان والتمرد والعتو، فإذا نزل به البلاء حمله ضعفه وعجزه على كثرة الدعاء والتضرع، وإظهار الخضوع والانقياد، وإذا زال البلاء ووقع في الراحة استولى عليه النسيان فنسي إحسان الله تعالى إليه، ووقع في البغي والطغيان والجحود والكفران. فهذه الأحوال من نتائج طبيعته ولوازم خلقته، وبالجملة فهؤلاء المساكين معذورون ولا عذر لهم.
المسألة الثامنة: في قوله تعالى: * (كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون) * أبحاث:
البحث الأول: أن هذا المزين هو الله تعالى أو النفس أو الشيطان، فرع على مسألة الجبر والقدر وهو معلوم.
البحث الثاني: في بيان السبب الذي لأجله سمى الله سبحانه الكافر مسرفا. وفيه وجوه:
الوجه الأول: قال أبو بكر الأصم: الكافر مسرف في نفسه وفي ماله ومضيع لهما، أما في النفس فلأنه جعلها عبدا للوثن، وأما في المال فلأنهم كانوا يضيعون أموالهم في البحيرة والسائبة والوصيلة والحام.
الوجه الثاني: قال القاضي: إن من كانت عادته أن يكون عند نزول البلاء كثير التضرع والدعاء، وعند زوال البلاء ونزول الآلاء معرضا عن ذكر الله متغافلا عنه غير مشتغل بشكره، كان مسرفا في أمر دينه متجاوزا للحد في الغفلة عنه، ولا شبهة في أن المرء كما يكون مسرفا في الإنفاق فكذلك يكون مسرفا فيما يتركه من واجب أو يقدم عليه من قبيح، إذا تجاوز الحد فيه.
الوجه الثالث: وهو الذي خطر بالبال في هذا الوقت، أن المسرف هو الذي ينفق المال