الوارث وعلى الموروث، فان وقع على الوارث فهو من سوى الوالد والولد، وان وقع على الموروث فهو الذي مات ولا يرثه أحد الوالدين ولا أحد من الأولاد، ثم قال (ان امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك) ارتفع امرؤ بمضمر يفسره الظاهر، ومحل (ليس له ولد) الرفع على الصفة، أي ان هلك امرؤ غير ذي ولد.
واعلم أن ظاهر هذه الآية فيه تقييدات ثلاث: الأول: ان ظاهر الآية يقتضى أن الأخت تأخذ النصف عند عدم الولد، فأما عند وجود الولد فإنها لا تأخذ النصف، وليس الامر كذلك، بل شرط كون الأخت تأخذ النصف أن لا يكون للميت ولد ابن، فان كان له بنت فان الأخت تأخذ النصف، الثاني: ان ظاهر الآية يقتضى أنه إذا لم يكن للميت ولد فان الأخت تأخذ النصف وليس كذلك، بل الشرط أن لا يكون للميت ولد ولا والد، وذلك لان الأخت لا ترث مع الوالد بالاجماع. الثالث: أن قوله (وله أخت) المراد منه الأخت من الأب والام، أو من الأب، لان الأخت من الام والأخ من الام قد بين الله حكمه في أول السورة بالاجماع.
ثم قال تعالى (وهو يرثها ان لم يكن لها ولد) يعنى أن الأخ يستغرق ميراث الأخت إذا لم يكن للأخت ولد، الا أن هذا الأخ من الأب والام أو من الأب، أما الأخ من الام فإنه لا يستغرق الميراث.
ثم قال تعالى (فان كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وان كانوا أخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين) وهذه الآية دالة ع لي أن الأخت المذكورة ليس هي الأخت من الام فقط، وروى أن الصديق رضي الله عنه قال في خطبته: ألا ان الآية التي أنزلها الله في سورة النساء في الفرائض، فأولها في الولد والوالد، وثانيها في الزواج والزوجية والاخوة من الام، والآية التي ختم بها سورة النساء أنزلها في الاخوة والأخوات من الأب، والام، والآية الت ختم بها سورة الأنفال أنزلها في أولى الأرحام.
ثم قال تعالى (يبين الله لكم أن تضلوا) وفيه وجوه: الأول: قال البصريون: المضاف ههنا محذوف وتقديره: يبين الله لكم كراهة أن تضلوا، إلا أنه حذف المضاف كقوله (واسأل القرية) الثاني: قال الكوفيون: حرف النفي محذوف، والتقدير: يبين الله لكم لئلا تضلوا، ونظيره قوله (إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا) أي لئلا تزولا. الثالث: قال الجرجاني صاحب النظم: يبين الله لكم الضلالة لتعلموا أنها ضلالة فتجتنبوها.
ثم قال تعالى (والله بكل شئ عليم) فيكون بيانه حقا وتعريفه صدقا.