تفسير الرازي - الرازي - ج ٤ - الصفحة ٦٩
من رؤية العلم، قال الله تعالى: * (ألم تر إلى ربك كيف مد الظل) * (الفرقان: 45)، * (ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل) * (الفيل: 1). الثاني: أظهرها لأعيننا حتى نراها. قال الحسن: إن جبريل عليه السلام أرى إبراهيم المناسك كلها، حتى بلغ عرفات، فقال: يا إبراهيم أعرفت ما أريتك من المناسك؟ قال: نعم فسميت عرفات فلما كان يوم النحر أراد أن يزور البيت عرض له إبليس فسد عليه الطريق، فأمره جبريل عليه السلام أن يرميه بسبع حصيات ففعل، فذهب الشيطان ثم عرض له في اليوم الثاني والثالث والرابع كل ذلك يأمره جبريل عليه السلام برمي الحصيات.
وههنا قول ثالث وهو أن المراد العلم والرؤية معا. وهو قول القاضي لأن الحج لا يتم إلا بأمور بعضها يعلم ولا يرى، وبعضها لا يتم الغرض منه إلا بالرؤية، فوجب حمل اللفظ على الأمرين جميعا وهذا ضعيف، لأنه يقتضي حمل اللفظ على الحقيقة والمجاز معا وأنه جائز، فبقي القول المعتبر وهو القولان الأولان، فمن قال بالقول الثاني قال: إن المناسك هي المواقف والمواضع التي يقام فيها شرائع الحج كمنى وعرفات والمزدلفة ونحوها، ومن قال بالأول قال: إن المناسك هي أعمال الحج كالطواف والسعي والوقوف.
المسألة الثانية: النسك هو التعبد، يقال للعابد ناسك ثم سمي الذبح نسكا والذبيحة نسيكة، وسمي أعمال الحج مناسك. قال عليه السلام: " خذوا عني مناسككم لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا ". والمواضع التي تقام فيها شرائع الحج تسمى: مناسك أيضا، ويقال: المنسك بفتح السين بمعنى الفعل، وبكسر السين بمعنى المواضع، كالمسجد والمشرق والمغرب، قال الله تعالى: * (لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه) * (الحج: 67) قرىء بالفتح والكسر، وظاهر الكلام يدل على الفعل، وكذلك قوله عليه السلام: " خذوا عني مناسككم " أمرهم بأن يتعلموا أفعاله في الحج لا أنه أراد: خذوا عني مواضع نسككم إذا عرفت هذا فنقول: إن حملنا المناسك على مناسك الحج، فإن حملناها على الأفعال فالإراءة لتعريف تلك الأعمال، وإن حملناها على المواضع فالإراءة لتعريف البقاع ومن المفسرين من حمل المناسك على الذبيحة فقط، وهو خطأ، لأن الذبيحة إنما تسمى نسكا لدخولها تحت التعبد، ولذلك لا يسمون ما يذبح للأكل بذلك فما لأجله سميت الذبيحة نسكا، وهو كونه عملا من أعمال الحج قائم في سائر الأعمال، فوجب دخول الكل فيه وأن حملنا المناسك على ما يرجع إليه أصل هذه اللفظة من العبادة والتقرب إلى الله تعالى، واللزوم لما يرضيه وجعل ذلك عاما لكل ما شرعه الله تعالى لإبراهيم عليه السلام فقوله: * (وأرنا مناسكنا) * أي علمنا كيف نعبدك، وأين نعبدك وبماذا نتقرب إليك حتى نخدمك به كما يخدم العبد مولاه.
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 قوله تعالى (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) الآية 2
2 فضل النية 4
3 تفسير قوله صلى الله عليه وسلم (نية المؤمن خير من عمله) 5
4 أقسام الأعمال 6
5 قوله تعالى (وقالت اليهود ليست النصارى على شئ) 7
6 قوله تعالى (ومن أظلم ممن منع مساجد الله) الآية 9
7 أحكام المساجد 13
8 حكم دخول الكافر المسجد 18
9 قوله تعالى (ولله المشرق والمغرب) الآية 20
10 نفي التجسيم وإثبات التنزيه 23
11 قوله تعالى (وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه) الآية 25
12 قوله تعالى (وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله) الآية 31
13 قوله تعالى (إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا) الآية 33
14 قوله تعالى (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى) الآية 34
15 قوله تعالى (الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته) الآية 35
16 قوله تعالى (يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي) الآية 36
17 قوله تعالى (وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن) الآية 36
18 قوله تعالى (إني جاعلك للناس إماما) 43
19 قوله تعالى (قال لا ينال عهدي الظالمين) عصمة الأنبياء 48
20 قوله تعالى (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس) 50
21 مقام إبراهيم عليه السلام 53
22 فضائل الحجر والمقام 57
23 قوله تعالى (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا) الآية 59
24 قوله تعالى (وإذ يرفع إبراهيم القواعد 62
25 قوله تعالى (وأرنا مناسكنا) الآية 68
26 الجواب على من جوز الذنب على الأنبياء 70
27 قوله تعالى (ربنا وابعث فيهم رسولا منهم) الآية 72
28 قوله تعالى (ومن يرغب عن ملة إبراهيم) 76
29 قوله تعالى (إذ قال له ربه أسلم) الآية 79
30 قوله تعالى (ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب) الآية 80
31 قوله تعالى (أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت) الآية 81
32 الدلالة على بطلان التقليد 87
33 قوله تعالى (وقالوا كونوا هودا أو نصارى) الآية 89
34 قوله تعالى (بل ملة إبراهيم حنيفا) الآية 90
35 قوله تعالى (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا) الآية 91
36 قوله تعالى (فان آمنوا بمثل ما آمنتم به) 93
37 قوله تعالى (وان تولوا فإنما هم في شقاق) 94
38 قوله تعالى (صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة) الآية 95
39 قوله تعالى (أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم) الآية 97
40 قوله تعالى (أم تقولون ان إبراهيم وإسماعيل) الآية 98
41 قوله تعالى (قل أأنتم أعلم أم الله) الآية 99
42 قوله تعالى (ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله) الآية 99
43 قوله تعالى (تلك أمة قد خلت لها ما كسبت) الآية 100
44 قوله تعالى (سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم) الآية 101
45 القبلة 103
46 قوله تعالى (قل الله المشرق والمغرب) 104
47 قوله تعالى (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) 108
48 الدليل على أن فعل العبد مخلوق لله تعالى 109
49 الدليل على أن اجماع الأمة حجة 110
50 قوله تعالى (وما جعلنا القبلة التي كنت عليها) الآية 115
51 قوله تعالى (إلا لنعلم من يتبع الرسول) 116
52 قوله تعالى (إلا على الذين هدى الله) 119
53 قوله تعالى (وما كان الله ليضيع إيمانكم) 119
54 قوله تعالى (قد نرى تقلب وجهك في السماء) الآية 122
55 تحويل القبلة 123
56 قوله تعالى (فلنولينك قبلة ترضاها) الآية 125
57 قوله تعالى (فول وجهك شطر المسجد الحرام) الآية 126
58 دلائل القبلة 130
59 قوله تعالى (وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره) الآية 138
60 قوله تعالى (ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب) الآية 139
61 قوله تعالى (وما أنت بتابع قبلتهم) الآية 141
62 قوله تعالى (وما بعضهم بتابع قبلة بعض 142
63 قوله تعالى (من بعد ما جاءك من العلم) 143
64 قوله تعالى (إنك إذا لمن الظالمين) الآية 143
65 قوله تعالى (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه) الآية 144
66 قوله تعالى (الحق من ربك فلا تكونن من الممترين) 145
67 قوله تعالى (ولكل وجهة هو موليها) 147
68 قوله تعالى (فاستبقوا الخيرات) الآية 149
69 قوله تعالى (أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا) الآية 153
70 قوله تعالى (ومن حيث خرجت فول وجهك) الآية 154
71 قوله تعالى (وما الله بغافل عما تعملون) 156
72 قوله تعالى (لئلا يكون للناس عليكم حجة) الآية 156
73 قوله تعالى (فلا تخشوهم واخشوني) 158
74 قوله تعالى (ولأتم نعمتي عليكم) الآية 158
75 قوله تعالى (كما أرسلنا فيكم رسولا منكم) 159
76 قوله تعالى (يتلو عليكم آياتنا) الآية 160
77 قوله تعالى (فاذكروني أذكركم) الآية 161
78 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة) الآية 162
79 قوله تعالى (ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات) الآية 163
80 قوله تعالى (ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع) الآية 168
81 فضيلة الصبر 171
82 قوله تعالى (الذين إذا أصابتهم مصيبة) 173
83 قوله تعالى (إنا لله وإنا إليه راجعون) 174
84 قوله تعالى (إن الصفا والمروة من شعائر الله) الآية 176
85 قوله تعالى (ومن تطوع خيرا) الآية 181
86 قوله تعالى (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات) الآية 182
87 قوله تعالى (إلا الذين تابوا وأصلحوا) 186
88 معنى الخلود 188
89 قوله تعالى (وإلهكم إله واحد) الآية 190
90 قوله تعالى (إن في خلق السماوات والأرض) الآية 200
91 الفصل الأول: في ترتيب الأفلاك 203
92 أعداد الأفلاك 204
93 الفصل الثاني: في معرفة الأفلاك 207
94 الفصل الثالث: في مقادير الحركات 209
95 الفصل الرابع: في كيفية الاستدلال على وجود الصانع 211
96 الفصل الأول في بيان أحوال الأرض 214
97 المواضع العديمة العرض 214
98 المواضع التي لها عرض 214
99 كرية الأرض 217
100 الفصل الثاني في الاستدلال بأحوال الأرض على وجود الصانع تعالى 218
101 اختلاف الليل والنهار 218
102 ذكر البحور 220
103 الاستدلال بجريان الفلك في البحر على وجود الصانع تعالى 222
104 تصريف الرياح 226
105 قوله تعالى (ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا) الآية 229
106 قوله تعالى (والذين آمنوا أشد حبا لله) 231
107 معنى الشوق إلى الله تعالى 233
108 قوله تعالى (ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب) الآية 235
109 قوله تعالى (وتقطعت بهم الأسباب) 237
110 قوله تعالى (كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات) الآية 239
111 قوله تعالى (وما هم بخارجين من النار) 239