قام الدليل على أنه فعال لسائر أفعال الخلق وجميع الحوادث فوجب أنه مريد لذلك أجمع. ولقوله تعالى «ولو شاء الله ما فعلوه» وقوله «ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا» فأخبر أنه لو لم يرد منهم العصيان والتكذيب والخلاف لما كان ولا فعلوه وأنه لو شاء أن يؤمنوا جميعا لآمنوا.
فإن قالوا ما أنكرتم أن يكون إنما أراد أنه لو أراد ذلك على سبيل الإكراه والإلجاء لكان لا محالة؟.
قيل لهم لو جاز أن يريد الإيمان منهم طوعا فلا يكون ولا يلحقه عجز ولا تقصير عن بلوغ مراده لجاز أن يريده منهم على سبيل الإلجاء والإكراه ولا يكون ولا يلحقه عجز ولا تقصير عن بلوغ مراده.
فإن قالوا لو لم يتم ما أراد منهم على سبيل الإلجاء لدل ذلك على عجزه عن فعل سبب يلجئهم به إلى الإيمان من ترهيب وإحضار نكال وغير ذلك والعجز غير جائز عليه.
قيل لهم ولو لم يتما ما أراده من إيمانهم طوعا واختيارا لدل ذلك على عجزه عن فعل لطف وسبب من الأسباب يختارون عند فعله الإيمان وذلك منتف عنه.