وليس دين الله بالمعضى يعني بالمفرق. وكما قال الآخر:
وعضى بني عوف فأما عدوهم * فأرضي وأما العز منهم فغيرا (2) يعني بقوله: (وعضى): سباهم، وقطعاهم بألسنتهما (3).
وقال آخرون: بل هي جمع عضة، جمعت عضين، كما جمعت عضين، كما جمعت البرة برين، والعزة، عزين. فإذا وجه ذلك إلى هذا التأويل كان أصل الكلام عضهة، ذهبت هاؤها الأصلية، كما نقصوا الهاء من الشفة: وأصلها شفهة، ومن الشاة وأصلها شاهة. يدل على أن ذلك الأصل تصغيرهم الشفة: شفيهة، والشاة: شويهة، فيردون الهاء التي تسقط في غير حال التصغير إليها في حال التصغير، يقال منه: عضهت الرجل أعضهه عضها: إذا بهته وقذفته ببهتان.
وكأن تأويل من تأول ذلك كذلك: الذين عضهوا القرآن، فقالوا: هو سحر، أو هو شعر، نحو القول الذي ذكرناه عن قتادة.
وقد قال جماعة من أهل التأويل: إنه إنما عنى بالعضه في هذا الموضع، نسبتهم إياه إلى أنه سحر خاصة دون غيره من معاني الذم، كما قال الشاعر:
للماء من عضاتهن زمزمه (4)