* (فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ئ إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون ئ إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون) *.
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): وإذا كنت يا محمد قارئا القرآن، فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم. وكان بعض أهل العربية يزعم أنه من المؤخر الذي معناه التقديم. وكأن معنى الكلام عنده: وإذا استعذت بالله من الشيطان الرجيم، فاقرأ القرآن. ولا وجه لما قال من ذلك، لان ذلك لو كان كذلك لكان متى استعاذ مستعيذ من الشيطان الرجيم لزمه أن يقرأ القرآن، ولكن معناه ما وصفناه. وليس قوله: فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم بالأمر اللازم، وإنما هو إعلام وندب وذلك أنه لا خلاف بين الجميع أن من قرأ القرآن ولم يستعذ بالله من الشيطان الرجيم قبل قرأته أو بعدها أنه لم يضيع فرضا واجبا. وكان ابن زيد يقول في ذلك نحو الذي قلنا. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم قال: فهذا دليل من الله تعالى دل عباده عليه.
وأما قوله: إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون فإنه يعني بذلك: أن الشيطان ليست له حجة على الذين آمنوا بالله ورسوله وعملوا بما أمر الله به وانتهوا عما نهاهم الله عنه. وعلى ربهم يتوكلون يقول: وعلى ربهم يتوكلون فيما نابهم من مهمات أمورهم. إنما سلطانه على الذين يتولونه يقول: إنما حجته على الذين يعبدونه، والذين هم به مشركون يقول: والذين هم بالله مشركون.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسين، قال: ثنا ورقاء وحدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال:
ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: إنما سلطانه قال: حجته.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله: إنما سلطانه على الذين يتولونه قال: يطيعونه.