والدف ء للركوب. وفي إجماع الجميع على أن ركوب ما قال تعالى ذكره ومنها تأكلون جائز حلال غير حرام، دليل واضح على أن أكل ما قال: لتركبوها جائز حلال غير حرام، إلا بما نص على تحريمه أو وضع على تحريمه دلالة من كتاب أو وحي إلى رسول الله (ص)، فأما بهذه الآية فلا يحرم أكل شئ. وقد وضع الدلالة على تحريم لحوم الحمر الأهلية بوحيه إلى رسول الله (ص)، وعلى البغال بما قد بينا في كتابنا كتاب الأطعمة بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع، إذا لم يكن هذا الموضع من مواضع البيان عن تحريم ذلك، وإنما ذكرنا ما ذكرنا ليدل على أنه لا وجه لقول من استدل بهذه الآية على تحريم لحم الفرس.
حدثنا أحمد، ثنا أبو أحمد، قال: ثنا إسرائيل، عن عبد الكريم، عن عطاء، عن جابر، قال: كنا نأكل لحم الخيل على عهد رسول الله (ص). قلت: فالبغال؟
قال: أما البغال فلا.
وقوله: ويخلق ما لا تعلمون يقول تعالى ذكره: ويخلق ربكم مع خلقه هذه الأشياء التي ذكرها لكم ما لا تعلمون مما أعد في الجنة لأهلها وفي النار لأهلها مما لم تره عين ولا سمعته أذن ولا خطر على قلب بشر. القول في تأويل قوله تعالى:
(وعلى الله قصد السبيل ومنها جائر ولو شاء لهداكم أجمعين) يقول تعالى ذكره: وعلى الله أيها الناس بيان طريق الحق لكم، فمن اهتدى فلنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها. والسبيل: هي الطريق، والقصد من الطريق: المستقيم الذي لا اعوجاج فيه، كما قال الراجز:
فصد عن نهج الطريق القاصد وقوله: ومنها جائر يعني تعالى ذكره: ومن السبيل جائر عن الاستقامة معوج، فالقاصد من السبل: الاسلام، والجائر منها: اليهودية والنصرانية وغير ذلك من ملل الكفر كلها جائر عن سواء السبيل وقصدها، سوى الحنيفية المسلمة. وقيل: ومنها جائر، لان