ويشركون الله به في عبادتهم إياه، فيصح حينئذ معنى الكلام، ويخرج عما جاء التنزيل به في سائر القرآن وذلك أن الله تعالى وصف المشركين في سائر سور القرآن أنهم أشركوا بالله ما لم ينزل به عليهم سلطانا، وقال في كل موضع تقدم إليهم بالزجر عن ذلك: لا تشركوا بالله شيئا، ولم نجد في شئ من التنزيل: لا تشركوا الله بشئ، ولا في شئ من القرآن خبرا من الله عنهم أنهم أشركوا الله بشئ فيجوز لنا توجيه معنى قوله: والذين هم به مشركون إلى والذين هم بالشيطان مشركو الله. فبين إذا إذ كان ذلك كذلك أن الهاء في قوله: والذين هم به عائدة على الرب في قوله: وعلى ربهم يتوكلون. القول في تأويل قوله تعالى:
* (وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون) *.
يقول تعالى ذكره: وإذا نسخنا حكم آية فأبدلنا مكانه حكم أخرى، والله أعلم بما ينزل يقول: والله أعلم بالذي هو أصلح لخلقه فيما يبدل ويغير من أحكامه، قالوا إنما أنت مفتر يقول: قال المشركون بالله المكذبو رسوله لرسوله: إنما أنت يا محمد مفتر أي مكذب تخرص بتقول الباطل على الله. يقول الله تعالى: بل أكثر هؤلاء القائلين لك يا محمد إنما أنت مفتر جهال بأن الذي تأتيهم به من عند الله ناسخه ومنسوخه لا يعلمون حقيقة صحته.
وبنحو الذي قلنا في تأويل قوله: وإذا بدلنا آية مكان آية قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء وحدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال:
ثنا شبل وحدثني المثنى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: وإذا بدلنا آية مكان آية رفعناها فأنزل غيرها.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد: وإذا بدلنا آية مكان آية قال: نسخناها، بدلناها، رفعناها، وأثبتنا غيرها.