حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون، ثم قال: وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم... إلى آخر الآية، يقول: يجعلون لله البنات ترضونهن لي ولا ترضونهن لأنفسكم وذلك أنهم كانوا في الجاهلية إذا ولد للرجل منهم جارية أمسكها على هون، أو دسها في التراب وهي حية.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم وهذا صنيع مشركي العرب، أخبرهم الله تعالى ذكره بخبث صنيعهم فأما المؤمن فهو حقيق أن يرضى بما قسم الله له، وقضاء الله خير من قضاء المرء لنفسه، ولعمري ما يدري أنه خير، لرب جارية خير لأهلها من غلام. وإنما أخبركم الله بصنيعهم لتجتنبوه وتنتهوا عنه، وكان أحدهم يغذو كلبه ويئد ابنته.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس: وهو كظيم قال: حزين.
حدثني المثنى، قال: ثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله: وهو كظيم قال: الكظيم: الكميد.
وقد بينا ذلك بشواهده في غير هذا الموضع. القول في تأويل قوله تعالى:
(يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون) يقول تعالى ذكره: يتوارى هذا المبشر بولادة الأنثى من الولد له من القوم، فيغيب عن أبصارهم من سوء ما بشر به يعني: من مساءته إياه مميلا بين أن يمسكه على هون: أي على هوان، وكذلك ذلك لغة قريش فيما ذكر لي، يقولون للهوان: الهون ومنه قول الحطيئة:
فلما خشيت الهون والعير ممسك * على رغمه ما أثبت الحبل حافره