والأرض أدلة لكم على وحدانية ربكم ومعرفة إلهكم، لتشكروه على نعمة عليكم، فيزيدكم من فضله. القول في تأويل قوله تعالى:
(والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون) يقول تعالى ذكره: وخلق الخيل والبغال والحمير لكم أيضا لتركبوها وزينة يقول: وجعلها لكم زينة تتزينون بها مع المنافع التي فيها لكم، للركوب وغير ذلك.
ونصب الخيل والبغال عطفا على الهاء والألف في قوله: خلقها. ونصب الزينة بفعل مضمر على ما بينت، ولو لم يكن معها واو وكان الكلام: لتركبوها زينة كانت منصوبة بالفعل الذي قبلها الذي هي به متصلة، ولكن دخول الواو آذنت بأن معها ضمير فعل وبانقطاعها عن الفعل الذي قبلها.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: لتركبوها وزينة قال: جعلها لتركبوها، وجعلها زينة لكم.
وكان بعض أهل العلم يرى أن في هذه الآية دلالة على تحريم أكل لحوم الخيل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا أبو ضمرة، عن أبي إسحاق، عن رجل، عن ابن عباس، قوله: والخيل والبغال والحمير لتركبوها قال:
هذه للركوب. والانعام خلقها لكم فيها دف ء قال: هذه للأكل.
حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن علية، قال: ثنا هشام الدستوائي، قال: ثنا يحيى بن أبي كثير، عن مولى نافع بن علقمة: أن ابن عباس كان يكره لحوم الخيل والبغال والحمير، وكان يقول: قال الله والانعام خلقها لكم فيها دف ء ومنها تأكلون فهذه للأكل، والخيل والبغال والحمير لتركبوها فهذه للركوب.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن ابن أبي ليلى، عن المنهال، عن سعيد، عن ابن عباس: أنه سئل عن لحوم الخيل، فكرهها وتلا هذه الآية: والخيل والبغال والحمير لتركبوها... الآية.