فقال: أيهما يليني: يريد الخير أو الشر، وإنما ذكر الخير لأنه إذا أراد الخير فهو يتقي الشر.
وأولى القولين في ذلك بالصواب، قول من قال: إن القوم خوطبوا على قدر معرفتهم، وإن كان في ذكر بعض ذلك دلالة على ما ترك ذكره لمن عرف المذكور هذه السورة دون غيرهم، فذكر أياديه عندهم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (فإن تولوا فإنما عليك البلغ المبين يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها وأكثرهم الكافرون) * يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص) فإن أدبر هؤلاء المشركون يا محمد عما أرسلتك به إليهم من الحق، فلم يستجيبوا لك وأعرضوا عنه، فما عليك من لوم ولا عذل، لأنك قد أديت ما عليك في ذلك، إنه ليس عليك إلا بلاغهم ما أرسلت به. ويعني بقوله * (المبين) * الذي يبين لمن سمعه حتى يفهمه.
وأما قوله: * (يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها) * فإن أهل التأويل اختلفوا في المعنى بالنعمة التي أخبر الله تعالى ذكره عن هؤلاء المشركين أنهم ينكرونها مع معرفتهم بها، فقال، بعضهم: هو النبي (ص) عرفوا ثم جحدوها وكذبوه. ذكر من قال ذلك:
حدثنا: محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن السدي * (يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها) * قال محمد (ص).
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان عن السيدي مثله.
وقال آخرون بل معنى ذلك أنهم يعرفون أن ما عدد الله تعالى ذكره في هذه السورة من النعم من عند الله، وأن الله هو المنعم بذلك عليهم، ولكنهم ينكرون ذلك، فيزعمون أنهم ورثوه عن آبائهم. ذكر من قال ذلك: