حدثنا ابن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، قال:
تجري مقبلة ومدبرة بريح واحدة.
حدثنا المثنى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: ثنا يحيى بن سعيد، عن يزيد بن إبراهيم، قال: سمعت الحسن: وترى الفلك مواخر فيه قال: مقبلة ومدبرة بريح واحدة.
والمخر في كلام العرب: صوت هبوب الريح إذا اشتد هبوبها، وهو في هذا الموضع: صوت جري السفينة بالريح إذا عصفت وشقها الماء حينئذ بصدرها، يقال منه:
مخرت السفينة تمخر مخرا ومخورا، وهي ماخرة، ويقال: امتخرت الريح وتمخرتها: إذا نظرت من أين هبوبها وتسمعت صوت هبوبها. ومنه قول واصل مولى ابن عيينة: كان يقال: إذا أراد أحدكم البول فليتمخر الريح، يريد بذلك: لينظر من أين مجراها وهبوبها ليستدبرها فلا ترجع عليه البول وترده عليه.
وقوله: ولتبتغوا من فضله يقول تعالى ذكره: ولتتصرفوا في طلب معايشكم بالتجارة سخر لكم. كما:
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: ولتبتغوا من فضله قال: تجارة البر والبحر.
وقوله: ولعلكم تشكرون يقول: ولتشكروا ربكم على ما أنعم به عليكم من ذلك سخر لكم ما سخر من هذه الأشياء التي عددها في هذه الآيات. القول في تأويل قوله تعالى:
(وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم وأنهارا وسبلا لعلكم تهتدون) يقول تعالى ذكره: ومن نعمه عليكم أيها الناس أيضا، أن ألقى في الأرض رواسي، وهي جمع راسية، وهي الثوابت في الأرض من الجبال. وقوله: أن تميد بكم يعني: أن لا تميد بكم، وذلك كقوله: يبين الله لكم أن تضلوا، والمعنى: أن لا تضلوا. وذلك أنه جل ثناؤه أرسى الأرض بالجبال لئلا يميد خلقه الذي على ظهرها، بل وقد كانت مائدة قبل أن ترسى بها. كما: