فيها ما أعمل في الرواسي، إذ كان مفهوما معنى الكلام والمراد منه وذلك نظير قول الراجز:
تسمع في أجوافهن صورا * وفي اليدين حشة وبورا والحشة: اليبس، فعطف بالحشة على الصوت، والحشة لا تسمع، إذ كان مفهوما المراد منه وأن معناه وترى في اليدين حشة.
وقوله: وسبلا وهي جمع سبيل، كما الطرق جمع طريق. ومعنى الكلام: وجعل لكم أيها الناس في الأرض سبلا وفجاجا تسلكونها وتسيرون فيها في حوائجكم وطلب معايشكم رحمة بكم ونعمة منه بذلك عليكم ولو عماها لهلكتم ضلالا وحيرة.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: سبلا:
أي طرقا.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: سبلا قال: طرقا. وقوله لعلكم تهتدون يقول: لكي تهتدوا بهذه السبل التي جعلها لكم في الأرض إلى الأماكن التي تقصدون والمواضع التي تريدون، فلا تضلوا وتتحيروا. القول في تأويل قوله تعالى:
(وعلامات وبالنجم هم يهتدون) اختلف أهل التأويل في المعنى بالعلامات، فقال بعضهم: عني بها معالم الطرق بالنهار. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: وعلامات وبالنجم هم يهتدون يعني بالعلامات: معالم الطرق بالنهار، وبالنجم هم يهتدون بالليل.