(قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين ئ قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون) يقول تعالى ذكره: قال ضيف إبراهيم له: بشرناك بحق يقين، وعلم منا بأن الله قد وهب لك غلاما عليما، فلا تكن من الذين يقنطون من فضل الله فييأسون منه، ولكن أبشر بما بشرناك به وأقبل البشرى.
واختلفت القراء قوله: من القانطين فقرأته عامة قراء الأمصار: من القانطين بالألف. وذكر عن يحيى بن وثاب أنه كان يقرأ ذلك: القنطين.
والصواب من القراءة في ذلك ما عليه قراء الأمصار، لاجماع الحجة على ذلك وشذوذ ما خالفه.
وقوله: قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون يقول تعالى ذكره: قال إبراهيم للضيف ومن ييأس من رحمة الله إلا القوم الذين قد أخطئوا سبيل الصواب وتركوا قصد السبيل في تركهم رجاء الله، ولا يخيب من رجاه، فضلوا بذلك عن دين الله.
واختلفت القراء في قراءة قوله: ومن يقنط فقرأ ذلك عامة قراء المدينة والكوفة:
ومن يقنط بفتح النون إلا الأعمش والكسائي فإنهما كسر النون من يقنط. فأما الذين فتحوا النون منه ممن ذكرنا فإنهم قرأوا: من بعد ما قنطوا بفتح القاف والنون. وأما الأعمش فكان يقرأ ذلك: من بعد ما قنطوا بكسر النون. وكان الكسائي يقرؤه بفتح النون. وكان أبو عمرو بن العلاء يقرأ الحرفين جميعا على النحو الذي ذكرنا من قراءة الكسائي.
وأولى القراءات في ذلك بالصواب قراءة من قرأ: من بعد ما قنطوا بفتح النون، ومن يقنط بكسر النون، لاجماع الحجة من القراء على فتحها في قوله: من بعد ما قنطوا فكسرها في ومن يقنط أولى إذا كان مجمعا على فتحها في قنط، لان فعل إذا كانت عين الفعل منها مفتوحة ولم تكن من الحروف الستة التي هي حروف الحلق، فإنها تكون في يفعل مكسورة أو مضمومة فأما الفتح فلا يعرف ذلك في كلام العرب. القول في تأويل قوله تعالى: