فقال: بفي الشامتين، ولم يقل: بأفواه وقول الآخر:
الواردون وتيم في ذرا سبأ * قد عض أعناقهم جلد الجواميس ولم يقل: جلود. القول في تأويل قوله تعالى:
(ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من دابة والملائكة وهم لا يستكبرون) يقول تعالى ذكره: ولله يخضع ويستسلم لامره ما في السماوات وما في الأرض من دابة يدب عليها، والملائكة التي في السماوات، وهم لا يستكبرون عن التذلل له بالطاعة.
والذين لا يؤمنون بالآخرة قلوبهم منكرة وهم مستكبرون وظلالهم تتفيأ عن اليمين والشمائل سجدا لله وهم داخرون.
وكان بعض نحويي البصرة يقول: اجتزئ بذكر الواحد من الدواب عن ذكر الجميع. وإنما معنى الكلام: ولله يسجد ما في السماوات وما في الأرض من الدواب والملائكة، كما يقال: ما أتاني من رجل، بمعنى: ما أتاني من الرجال.
وكان بعض نحويي الكوفة يقول: إنما قيل: من دابة، لان ما وإن كانت قد تكون على مذهب الذي، فإنها غير مؤقتة، فإذا أبهمت غير مؤقتة أشبهت الجزاء، والجزاء يدخل من فيما جاء من اسم بعده من النكرة، فيقال: من ضربه من رجل فاضربوه، ولا تسقط من من هذا الموضع كراهية أن تشبه أن تكون حالا ل من وما، فجعلوه بمن ليدل على أنه تفسير لما ومن لأنهما غير موقتتين، فكان دخول من فيما بعدهما تفسيرا لمعناهما، وكان دخول من أدل على ما لم يوقت من من وما، فلذلك لم تلغيا. القول في تأويل قوله تعالى: