وقال آخرون: عنى بقوله: لنبوئنهم في الدنيا حسنة لنرزقنهم في الدنيا رزقا حسنا. ذكر من قال ذلك: حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحرث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء وحدثني المثنى، قال: أخبرنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد لنبوئنهم لنرزقنهم في الدنيا رزقا حسنا.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.
حدثني الحارث، قال: ثنا القاسم، قال: ثنا هشيم، عن العوام، عمن حدثه أن عمر بن الخطاب كان إذا أعطى الرجل من المهاجرين عطاءه يقول: خذ بارك الله لك فيه، هذا ما وعدك الله في الدنيا، وما ذخره لك في الآخرة أفضل. ثم تلا هذه الآية:
لنبوئنهم في الدنيا حسنة ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون.
وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال: معنى لنبوئنهم: لنحلنهم ولنسكننهم، لان التبوء في كلام العرب الحلول بالمكان والنزول به. ومنه قول الله تعالى:
ولقد بوأنا بني إسرائيل مبوأ صدق. وقيل: إن هذه الآية نزلت في أبي جندل بن سهيل.
ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: أخبرنا إسحاق، قال: ثنا عبد الرزاق، قال: ثنا جعفر بن سليمان، عن داود بن أبي هند، قال: نزلت والذين هاجروا في الله من بعد ما ظلموا... إلى قوله: وعلى ربهم يتوكلون في أبي جندل بن سهيل.
وقوله: ولأجر الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون يقول: ولثواب الله إياهم على هجرتهم فيه في الآخرة أكبر، لان ثوابه إياهم هنالك الجنة التي يدوم نعيمها ولا يبيد.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: قال الله:
ولأجر الآخرة أكبر أي والله لما يثيبهم الله عليه من جنته أكبر لو كانوا يعلمون.
القول في تأويل قوله تعالى (الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون)