وبعض بني تميم جعل الهون مصدرا للشئ الهين. ذكر الكسائي أنه سمعهم يقولون: إن كنت لقليل هون المؤنة منذ اليوم قال: وسمعت: الهوان في مثل هذا المعنى، سمعت منهم قائلا يقول لبعير له: ما به بأس غير هوانه، يعني خفيف الثمن، فإذا قالوا: هو يمشي على هونه، لم يقولوه إلا بفتح الهاء، كما قال تعالى: وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا. أم يدسه في التراب يقول: يدفنه حيا في التراب فيئده. كما:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج:
أيمسكه على هون أم يدسه في التراب يئد ابنته.
وقوله: ألا ساء ما يحكمون يقول: ألا ساء الحكم الذي يحكم هؤلاء المشركون وذلك أن جعلوا لله ما لا يرضون لأنفسهم، وجعلوا لما لا ينفعهم ولا يضرهم شركا فيما رزقهم الله، وعبدوا من خلقهم وأنعم عليهم. القول في تأويل قوله تعالى:
(للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم) وهذا خبر من الله جل ثناؤه أن قوله: وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم، والآية التي بعدها مثل ضربه الله لهؤلاء المشركين الذين جعلوا لله البنات، فبين بقوله: للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء أنه مثل، وعنى بقوله جل ثناؤه: للذين لا يؤمنون بالآخرة للذين لا يصدقون بالمعاد والثواب والعقاب من المشركين مثل السوء وهو القبيح من المثل، وما يسوء من ضرب له ذلك المثل. ولله المثل الأعلى يقول: ولله المثل الأعلى، وهو الأفضل والأطيب، والأحسن، والأجمل، وذلك التوحيد والاذعان له بأنه لا إله غيره.