والكفار لا شك أن منهم من له الأموال الكثيرة، ومن يضر أحيانا الضر العظيم بفساده، فغير كائن ما لا يقدر على شئ، كما قال تعالى ذكره مثلا، لمن يقدر على أشياء كثيرة. فإذا كان ذلك كذلك كان أولى المعاني به تمثيل ما لا يقدر على شئ كما قال تعالى ذكره بمثله ما لا يقدر على شئ، وذلك الوثن الذي لا يقدر على شئ، بالأبكم الكل على مولاه الذي لا يقدر على شئ كما قال ووصف. القول في تأويل قوله تعالى:
(ولله غيب السماوات والأرض وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله على كل شئ قدير) . يقول تعالى ذكره: ولله أيها الناس ملك ما غاب عن أبصاركم في السماوات والأرض دون آلهتكم التي تدعون من دونه، ودون كل ما سواه، لا يملك ذلك أحد سواه. وما أمر الساعة إلا كلمح البصر يقول: وما أمر قيام القيامة والساعة التي تنشر فيها الخلق للوقوف في موقف القيامة، إلا كنظرة من البصر، لان ذلك إنما هو أن يقال له كن فيكون. كما:
حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: إلا كلمح البصر أو هو أقرب والساعة: كلمح البصر، أو أقرب.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة: وما أمر الساعة إلا كلمح البصر قال: هو أن يقول: كن، فهو كلمح البصر فأمر الساعة كلمح البصر أو أقرب يعني يقول: أو هو أقرب من لمح البصر.
وقوله: إن الله على كل شئ قدير يقول: إن الله على إقامة الساعة في أقرب من لمح البصر قادر، وعلى ما يشاء من الأشياء كلها، لا يمتنع عليه شئ أراده. القول في تأويل قوله تعالى:
(والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا وجعل لكم السمع والابصار والأفئدة لعلكم تشكرون) . يقول تعالى ذكره: والله تعالى أعلمكم ما لم تكونوا تعلمون من بعد ما أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعقلون شيئا ولا تعلمون، فرزقكم عقولا تفقهون بها وتميزون بها الخير من الشر وبصركم بها ما لم تكونوا تبصرون، وجعل لكم السمع الذي تسمعون به