يقول تعالى ذكره: هؤلاء الذين وصفنا صفتهم، وآتيناهم الثواب الذي ذكرناه، الذين صبروا في الله على ما نابهم في الدنيا. وعلى ربهم يتوكلون يقول: وبالله يثقون في أمورهم، و إليه يستندون في نوائب الأمور التي تنوبهم. القول في تأويل قوله تعالى (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): وما أرسلنا من قبلك يا محمد إلى أمة من الأمم، للدعاء إلى توحيدنا والانتهاء إلى أمرنا ونهينا، إلا رجالا من بني آدم نوحي إليهم وحينا لا ملائكة، يقول: فلم نرسل إلى قومك إلا مثل الذي كنا نرسل إلى من قبلهم من الأمم من جنسهم وعلى منهاجهم. فاسئلوا أهل الذكر يقول لمشركي قريش: وإن كنتم لا تعلمون أن الذين كنا نرسل إلى من قبلكم من الأمم رجال من بني آدم مثل محمد (ص) وقلتم هم ملائكة أي ظننتم أن الله كلمهم قبلا، فاسئلوا أهل الذكر وهم الذين قد قرأوا الكتب من قبلهم: التوراة والإنجيل، وغير ذلك من كتب الله التي أنزلها على عباده.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا المحاربي، عن ليث، عن مجاهد: فاسئلوا أهل الذكر قال: أهل التوراة.
حدثنا ابن وكيع، قال: ثنا المحاربي، عن سفيان، قال: سألت الأعمش، عن قوله: فاسئلوا أهل الذكر قال: سمعنا أنه من أسلم من أهل التوراة والإنجيل.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قوله: وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون قال: هم أهل الكتاب.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عبيد الله، عن إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد، عن ابن عباس: فاسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون قال: قال لمشركي قريش: إن محمدا في التوراة والإنجيل.