يقول تعالى ذكره مقسما بنفسه عز وجل لنبيه محمد (ص): والله يا محمد لقد أرسلنا رسلا من قبلك إلى أممها بمثل ما أرسلناك إلى أمتك من الدعاء إلى التوحيد لله وإخلاص العبادة له والاذعان له بالطاعة وخلع الأنداد والآلهة. فزين لهم الشيطان أعمالهم يقول:
فحسن لهم الشيطان ما كانوا عليه من الكفر بالله وعبادة الأوثان مقيمين، حتى كذبوا رسلهم، وردوا عليهم ما جاؤوهم به من عند ربهم. فهو وليهم اليوم يقول: فالشيطان ناصرهم اليوم في الدنيا، وبئس الناصر. ولهم عذاب أليم في الآخرة عند ورودهم على ربهم، فلا ينفعهم حينئذ ولاية الشيطان، ولا هي نفعتهم في الدنيا بل ضرتهم فيها وهي لهم في الآخرة أضر. القول في تأويل قوله تعالى:
(وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون) . يقول تعالى ذكره لنبيه (ص): وما أنزلنا يا محمد عليك كتابنا وبعثناك رسولا إلى خلقنا إلا لتبين لهم ما اختلفوا فيه من دين الله، فتعرفهم الصواب منه والحق من الباطل، وتقيم عليهم بالصواب منه حجة الله الذي بعثك بها.
وقوله: وهدى ورحمة لقوم يؤمنون يقول: وهدى بيانا من الضلالة، يعني بذلك الكتاب، ورحمة لقوم يؤمنون به، فيصدقون بما فيه، ويقرون بما تضمن من أمر الله ونهيه، ويعملون به. وعطف بالهدى على موضع ليبين، لان موضعها نصب. وإنما معنى الكلام: وما أنزلنا عليك الكتاب إلا بيانا للناس فيما اختلفوا فيه هدى ورحمة. القول في تأويل قوله تعالى:
(والله أنزل من السماء ماء فأحيى به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآية لقوم يسمعون) يقول تعالى ذكره منبه خلقه على حججه عليهم في توحيده، وأنه لا تنبغي الألوهة إلا له، ولا تصلح العبادة لشئ سواه: أيها الناس معبودكم الذي له العبادة دون كل شئ، أنزل من السماء ماء يعني: مطرا، يقول: فأنبت بما أنزل من ذلك الماء من السماء الأرض الميتة التي لا زرع بها ولا عشب ولا نبت بعد موتها بعد ما هي ميتة لا شئ