يقول تعالى ذكره: وكان أصحاب الحجر، وهم ثمود قوم صالح، ينحتون من الجبال بيوتا آمنين من عذاب الله، وقيل: آمنين من الخراب أن تخرب بيوتهم التي نحتوها من الجبال، وقيل: آمنين من الموت. وقوله: فأخذتهم الصيحة مصبحين يقول:
فأخذتهم صيحة الهلاك حين أصبحوا من اليوم الرابع من اليوم الذي وعدوا العذاب، وقيل لهم: تمتعوا في داركم ثلاثة أيام. وقوله: فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون يقول: فما دفع عنهم عذاب الله ما كانوا يجترحون من الأعمال الخبيثة قبل ذلك. القول في تأويل قوله تعالى:
(وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما إلا بالحق وإن الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل ئ إن ربك هو الخلاق العليم) يقول تعالى ذكره: وما خلقنا الخلائق كلها، سماءها وأرضها، ما فيهما وما بينهما يعني بقوله: وما بينهما مما في أطباق ذلك. إلا بالحق يقول: إلا بالعدل والانصاف، لا بالظلم والجور. وإنما يعني تعالى ذكره بذلك أنه لم يظلم أحدا من الأمم التي اقتص قصصها في هذه السورة وقصص إهلاكه إياها بما فعل به من تعجيل النقمة له على كفره به، فيعذبه ويهلكه بغير استحقاق لأنه لم يخلق السماوات والأرض وما بينهما بالظلم والجور، ولكنه خالق ذلك بالحق والعدل. وقوله: وإن الساعة لآتية فاصفح الصفح الجميل يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): وإن الساعة، وهي الساعة التي تقوم فيها القيامة لجائية، فارض بها لمشركي قومك الذين كذبوك وردوا عليك ما جئتهم به من الحق. فاصفح الصفح الجميل يقول: فأعرض عنهم إعراضا جميلا، واعف عنهم عفوا حسنا. وقوله: إن ربك هو الخلاق العليم يقول تعالى ذكره: إن ربك هو الذي خلقهم وخلق كل شئ، وهو عالم بهم وبتدبيرهم وما يأتون من الأفعال. وكان جماعة من أهل التأويل تقول: هذه الآية منسوخة. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: فاصفح الصفح الجميل ثم نسخ ذلك بعد، فأمره الله تعالى ذكره بقتالهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، لا يقبل منهم غيره.
حدثني المثنى، قال: ثنا سويد بن نصر، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله: فاصفح الصفح الجميل فاصفح عنهم، وقل سلام،