تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم) (1). وقد يجوز أن يكون معناها كما قال ابن عباس والضحاك ومن قال ذلك إن القرآن إنما قيل له مثاني لأن القصص والأخبار كررت فيه مرة بعد أخرى. وقد ذكرنا قول الحسن البصري أنها إنما سميت مثاني لأنها تثنى في كل قراءة، وقول ابن عباس إنها إنما سميت مثاني، لأن الله تعالى ذكره استثناها لمحمد (ص) دون سائر الأنبياء غيره فادخرها له.
وكان بعض أهل العربية يزعم أنها سميت مثاني لأن فيها الرحمن الرحيم مرتين، وأنها تثنى في كل سورة، يعني: بسم الله الرحمن الرحيم.
وأما القول الذي اخترناه في تأويل ذلك، فهو أحد أقوال ابن عباس، وهو قول طاوس ومجاهد وأبي مالك، وقد ذكرنا ذلك قبل.
وأما قوله: (والقرآن العظيم) فإن القرآن معطوف على السبع، بمعنى: ولقد آتيناك سبع آيات من القرآن وغير ذلك من سائر القرآن. كما:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (والقرآن العظيم) قال: سائره: يعني سائر القرآن مع السبع من المثاني.
حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: ثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (والقرآن العظيم) يعني: الكتاب كله. القول في تأويل قوله تعالى:
(لا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين) يقول تعالى ذكره لنبيه محمد (ص): لا تتمنين يا محمد ما جعلنا من زينة هذه الدنيا متاعا للأغنياء من قومك الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر، يتمتعون فيها، فإن من ورائهم عذابا غليظا. ولا تحزن عليهم يقول: ولا تحزن على ما متعوا به فعجل لهم، فإن لك في الآخرة ما هو خير منه، مع الذي قد عجلنا لك في الدنيا من الكرامة بإعطائنا السبع المثاني والقرآن العظيم يقال منه: مد فلان عينه إلى مال فلان: إذا اشتهاه وتمناه وأراده.