الآية فاعلي ذلك أنهم باتخاذهم الايمان دخلا بينهم ونقضهم الايمان بعد توكيدها، صادون عن سبيل الله، وأنهم أهل ضلال في التي قبلها، وهذه صفة أهل الكفر بالله لا صفة أهل النقل بالحلف عن قوم إلى قوم. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولا تشتروا بعهد الله ثمنا قليلا إنما عند الله هو خير لكم إن كنتم تعلمون ئ ما عندكم ينفد وما عند الله باق ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) *.
يقول تعالى ذكره: ولا تنقضوا عهودكم أيها الناس وعقودكم التي عاقدتموها من عاقدتم مؤكديها بأيمانكم، تطلبون بنقضكم ذلك عرضا من الدنيا قليلا ولكن أوفوا بعهد الله الذي أمركم بالوفاء به يثبكم الله على الوفاء به، فإن ما عند الله من الثواب لكم على الوفاء بذلك هو خير لكم إن كنتم تعلمون فضل ما بين العوضين اللذين أحدهما الثمن القليل الذي تشترون بنقض عهد الله في الدنيا والآخر الثواب الجزيل في الآخرة على الوفاء به. ثم بين تعالى ذكره فرق ما بين العوضين وفضل ما بين الثوابين، فقال: ما عندكم أيها الناس مما تتملكونه في الدنيا وإن كثر فنافد فان، وما عند الله لمن أوفى بعهده وأطاعه من الخيرات باق غير فان، فلما عنده فاعملوا وعلى الباقي الذي لا يفنى فاحرصوا. وقوله: ولنجزين الذين صبروا أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون يقول تعالى ذكره: وليثيبن الله الذين صبروا على طاعتهم إياه في السراء والضراء، ثوابهم يوم القيامة على صبرهم عليها ومسارعتهم في رضاه، بأحسن ما كانوا يعملون من الأعمال دون أسوئها، وليغفرن الله لهم سيئها بفضله.
القول في تأويل قوله تعالى * (من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) *.
يقول تعالى ذكره: من عمل بطاعة الله، وأوفى بعهود الله إذا عاهد من ذكر أو أنثى من بني آدم وهو مؤمن يقول: وهو مصدق بثواب الله الذي وعد أهل طاعته على الطاعة وبوعيد أهل معصيته على المعصية فلنحيينه حياة طيبة.
واختلف أهل التأويل في الذي عنى الله بالحياة الطيبة التي وعد هؤلاء القوم أن