الأوثان التي تعبد من دون الله لا تملك لمن يعبدها رزقا ولا ضرا ولا نفعا، ولا حياة ولا نشورا. وقوله: فلا تضربوا لله الأمثال فإنه أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد. إن الله يعلم وأنتم لا تعلمون يقول: والله أيها الناس يعلم خطأ ما تمثلون وتضربون من الأمثال وصوابه، وغير ذلك من سائر الأشياء، وأنتم لا تعلمون صواب ذلك من خطئه.
واختلف أهل العربية في الناصب قوله: شيئا فقال بعض البصريين: هو منصوب على البدل من الرزق، وهو في معنى: لا يملكون رزقا قليلا ولا كثيرا. وقال بعض الكوفيين: نصب شيئا بوقوع الرزق عليه، كما قال تعالى ذكره: ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا. أي تكفت الاحياء والأموات، ومثله قوله تعالى ذكره: أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة. قال: ولو كان الرزق مع الشئ لجاز خفضه، لا يملك لكم رزق شئ من السماوات، ومثله: فجزاء مثل ما قتل من النعم.
القول في تأويل قوله تعالى:
(ضرب الله مثلا عبدا مملوكا لا يقدر على شئ ومن رزقناه منا رزقا حسنا فهو ينفق منه سرا وجهرا هل يستوون الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون) . يقول تعالى ذكره: وشبه لكم شبها أيها الناس للكافر من عبيده، والمؤمن به منهم.
فأما مثل الكافر: فإنه لا يعمل بطاعة الله، ولا يأتي خيرا، ولا ينفق في شئ من سبيل الله ماله لغلبة خذلان الله عليه، كالعبد المملوك الذي لا يقدر على شئ فينفقه. وأما المؤمن بالله فإنه يعمل بطاعة الله وينفق في سبيله ماله كالحر الذي آتاه الله مالا فهو ينفق منه سرا وجهرا، يقول: بعلم من الناس وغير علم. هل يستوون يقول هل يستوي العبد الذي لا يملك شيئا ولا يقدر عليه، وهذا الحر الذي قد رزقه الله رزقا حسنا فهو ينفق كما وصف؟
فكذلك لا يستوي الكافر العامل بمعاصي الله المخالف أمره والمؤمن العامل بطاعته.