(16) سورة النحل مكية وآياتها ثمان وعشرون ومائة بسم الله الرحمن الرحيم القول في تأويل قوله تعالى:
(أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون) يقول تعالى ذكره: أتى أمر الله فقرب منكم أيها الناس ودنا، فلا تستعجلوا وقوعه.
ثم اختلف أهل التأويل في الامر الذي أعلم الله عباده مجيئه وقربه منهم ما هو، وأي شئ هو؟ فقال بعضهم: هو فرائضه وأحكامه. ذكر من قال ذلك:
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا ابن المبارك، عن جويبر، عن الضحاك، في قوله: أتى أمر الله فلا تستعجلوه قال: الاحكام والحدود والفرائض.
وقال آخرون: بل ذلك وعيد من الله لأهل الشرك به، أخبرهم أن الساعة قد قربت وأن عذابهم قد حضر أجله فدنا. ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: لما نزلت هذه الآية، يعني: أتى أمر الله فلا تستعجلوه قال رجال من المنافقين بعضهم لبعض: إن هذا يزعم أن أمر الله أتى، فأمسكوا عن بعض ما كنتم تعملون حتى تنظروا ما هو كائن فلما رأوا أنه لا ينزل شئ، قالوا: ما نراه نزل شئ فنزلت: اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون فقالوا: إن هذا يزعم مثلها أيضا. فلما رأوا أنه لا ينزل شئ، قالوا: ما نراه