فتأويل من في: ومن لستم له برازقين على هذا التأويل بمعنى ما، وذلك قليل في كلام العرب.
وأولى ذلك بالصواب، وأحسن أن يقال: عني بقوله: ومن لستم له برازقين من العبيد والإماء والدواب والانعام. فمعنى ذلك: وجعلنا لكم فيها معايش والعبيد والإماء والدواب والانعام. وإذا كان ذلك كذلك، حسن أن توضع حينئذ مكان العبيد والإماء والدواب من، وذلك أن العرب تفعل ذلك إذا أرادت الخبر عن البهائم معها بنو آدم.
وهذا التأويل على ما قلناه وصرفنا إليه معنى الكلام إذا كانت من في موضع نصب عطفا به على معايش بمعنى: جعلنا لكم فيها معايش، وجعلنا لكم فيها من لستم له برازقين.
وقيل: إن من في موضع خفض عطفا به على الكاف والميم في قوله: وجعلنا لكم بمعنى: وجعلنا لكم فيها معايش ومن لستم له برازقين. وأحسب أن منصورا في قوله: هو الوحش، قصد هذا المعنى وإياه أراد وذلك وإن كان له وجه كلام العرب فبعيد قليل، لأنها لا تكاد تظاهر على معنى في حال الخفض، وربما جاء في شعر بعضهم في حال الضرورة، كما قال بعضهم:
هلا سألت بذي الجماجم عنهم * وأبى نعيم ذي اللواء المخرق فرد أبا نعيم على الهاء والميم في عنهم. وقد بينت قبح ذلك في كلامهم. القول في تأويل قوله تعالى:
(وإن من شئ إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم) يقول تعالى ذكره: وما من شئ من الأمطار إلا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر، لكل أرض معلوم عندنا حده ومبلغه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: