حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
ويجعلون لما لا يعلمون نصيبا مما رزقناهم قال: جعلوا لآلهتهم التي ليس لها نصيب ولا شئ، جعلوا لها نصيبا مما قال الله من الحرث والانعام، يسمون عليها أسماءها ويذبحون لها.
وقوله: تالله لتسئلن عما كنتم تفترون يقول تعالى ذكره: والله أيها المشركون الجاعلون الآلهة والأنداد نصيبا فيما رزقناكم شركا بالله وكفرا، ليسألنكم الله يوم القيامة عما كنتم في الدنيا تفترون، يعني: تختلقون من الباطل والإفك على الله بدعواكم له شريكا، وتصييركم لأوثانكم فيما رزقكم نصيبا، ثم ليعاقبنكم عقوبة تكون جزاء لكفرانكم نعمه وافترائكم عليه. القول في تأويل قوله تعالى:
(ويجعلون لله البنات سبحانه ولهم ما يشتهون ئ وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم) يقول تعالى ذكره: ومن جهل هؤلاء المشركين وخبث فعلهم وقبح فريتهم على ربهم، أنهم يجعلون لمن خلقهم ودبرهم وأنعم عليهم، فاستوجب بنعمه عليهم الشكر، واستحق عليهم الحمد البنات، ولا ينبغي أن يكون لله ولد ذكر ولا أنثى سبحانه، نزه جل جلاله بذلك نفسه عما أضافوا إليه ونسبوه من البنات، فلم يرضوا بجهلهم إذ أضافوا إليه ما لا ينبغي إضافته إليه. ولا ينبغي أن يكون له من الولد أن يضيفوا إليه ما يشتهونه لأنفسهم ويحبونه لها، ولكنهم أضافوا إليه ما يكرهونه لأنفسهم ولا يرضونه لها من البنات ما يقتلونها إذا كانت لهم. وفي ما التي في قوله: ولهم ما يشتهون وجهان من العربية:
النصب عطفا لها على البنات، فيكون معنى الكلام إذا أريد ذلك: ويجعلون لله البنات ولهم البنين الذين يشتهون، فتكون ما للبنين، والرفع على أن الكلام مبتدأ من قوله:
ولهم ما يشتهون فيكون معنى الكلام: ويجعلون لله البنات ولهم البنون.
وقوله: وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا يقول: وإذا بشر أحد هؤلاء الذين جعلوا لله البنات بولادة ما يضيفه إليه من ذلك له، ظل وجهه مسودا من كراهته له وهو كظيم يقول قد كظم الحزن، وامتلأ غما بولادته له، فهو لا يظهر ذلك.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك: