الأصوات، فيفقه بعضكم عن بعض ما تتحاورون به بينكم والابصار التي تبصرون بها الاشخاص فتتعارفون بها وتميزون بها بعضا من بعض. والأفئدة يقول: والقلوب التي تعرفون بها الأشياء فتحفظونها وتفكرون فتفقهون بها. لعلكم تشكرون يقول: فعلنا ذلك بكم، فاشكروا الله على ما أنعم به عليكم من ذلك، دون الآلهة والأنداد، فجعلتم له شركاء في الشكر، ولم يكن له فيما أنعم به عليكم من نعمه شريك.
وقوله: والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا كلام متناه، ثم ابتدئ الخبر، فقيل: وجعل الله لكم السمع والابصار والأفئدة. وإنما قلنا ذلك كذلك، لان الله تعالى ذكره جعل العبادة والسمع والابصار والأفئدة قبل أن يخرجهم من بطون أمهاتهم، وإنما أعطاهم العلم والعقل بعدما أخرجهم من بطون أمهاتهم. القول في تأويل قوله تعالى:
(ألم يروا إلى الطير مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا الله إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون) . يقول تعالى ذكره لهؤلاء المشركين: ألم تروا أيها المشركون بالله إلى الطير مسخرات في جو السماء، يعني: في هواء السماء بينها وبين الأرض، كما قال إبراهيم بن عمران الأنصاري:
ويلمها من هواء الجو طالبة * ولا كهذا الذي في الأرض مطلوب يعني: في هواء السماء. ما يمسكهن إلا الله يقول: ما طيرانها في الجو إلا بالله وبتسخيره إياها بذلك، ولو سلبها ما أعطاها من الطيران لم تقدر على النهوض ارتفاعا.
وقوله: إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون يقول: إن في تسخير الله الطير وتمكينه لها الطيران في جو السماء، لعلامات ودلالات على أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنه