(يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون) يقول تعالى ذكره: يخاف هؤلاء الملائكة التي في السماوات وما في الأرض من دابة، ربهم من فوقهم، أن يعذبهم إن عصوا أمره. ويفعلون ما يؤمرون يقول: ويفعلون ما أمرهم الله به، فيؤدون حقوقه ويجتنبون سخطه. القول في تأويل قوله تعالى:
(وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله واحد فإياي فارهبون) يقول تعالى ذكره: وقال الله لعباده: لا تتخذوا لي شريكا أيها الناس، ولا تعبدوا معبودين، فإنكم إذا عبدتم معني غيري جعلتم لي شريكا، ولا شريك لي، إنما هو إله واحد ومعبود واحد، وأنا ذلك. فإياي فارهبون يقول: فإياي فاتقوا وخافوا عقابي بمعصيتكم إياي إن عصيتموني وعبدتم غيري، أو أشركتم في عبادتكم لي شريكا. القول في تأويل قوله تعالى:
(وله ما في السماوات والأرض وله الدين واصبا أفغير الله تتقون) يقول تعالى ذكره: ولله ملك ما في السماوات والأرض من شئ، لا شريك له في شئ من ذلك، هو الذي خلقهم، وهو الذي يرزقهم، وبيده حياتهم وموتهم. وقوله: وله الدين واصبا يقول جل ثناؤه: وله الطاعة والاخلاص دائما ثابتا واجبا، يقال منه: وصب الدين يصب وصوبا ووصبا كما قال الديلي:
لا أبتغي الحمد القليل بقاؤه * يوما بذم الدهر أجمع واصبا