حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله:
إنما سكرت أبصارنا قال: سكرت، السكران الذي لا يعقل.
وقال آخرون: معنى ذلك: عميت. ذكر من قال ذلك:
حدثنا الحسن بن محمد، قال: ثنا عبد الوهاب بن عطاء، عن الكلبي:
سكرت قال: عميت.
وأولى هذه الأقوال بالصواب عندي قول من قال: معنى ذلك: أخذت أبصارنا وسحرت، فلا تبصر الشئ على ما هو به، وذهب حد إبصارنا وانطفأ نوره كما يقال للشئ الحار إذا ذهبت فورته وسكن حد حرة: قد سكر يسكر. قال المثنى بن جندل الطهوي:
جاء الشتاء واجثأل القبر * واستخفت الأفعى وكانت تظهر وجعلت عين الحرور تسكر أي تسكن وتذهب وتنطفئ. وقال ذو الرمة:
قبل انصداع الفجر والتهجر * وخوضهن الليل حين يسكر يعني: حين تسكن فورته. وذكر عن قيس أنها تقول: سكرت الريح تسكر سكورا، بمعنى: سكنت. وإن كان ذلك عنها صحيحا، فإن معنى سكرت وسكرت بالتخفيف والتشديد متقاربان، غير أن القراءة التي لا أستجيز غيرها في القرآن: سكرت بالتشديد لاجماع الحجة من القراءة عليها، وغير جائز خلافها فيما جاءت به مجمعة عليه. القول في تأويل قوله تعالى:
* (ولقد جعلنا في السماء بروجا وزيناها للناظرين) *.