الزهري، قال: ثني سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عكرمة، قال: كان ناس بمكة أقروا بالاسلام ولم يهاجروا، فأخرج بهم كرها إلى بدر، فقتل بعضهم، فأنزل الله فيهم:
الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم.
وقوله: فألقوا السلم يقول: فاستسلموا لامره، وانقادوا له حين عاينوا الموت قد نزل بهم. ما كنا نعمل من سوء وفي الكلام محذوف استغني بفهم سامعيه ما دل عليه الكلام عن ذكره، وهو: قالوا ما كنا نعمل من سوء. يخبر عنهم بذلك أنهم كذبوا وقالوا: ما كنا نعصي الله اعتصاما منهم بالباطل رجاء أن ينجوا بذلك،، فكذبهم الله فقال: بل كنتم تعملون السوء وتصدون عن سبيل الله. إن الله عليم بما كنتم تعملون يقول: إن الله ذو علم بما كنتم تعملون في الدنيا من معاصيه وتأتون فيها ما يسخطه. القول في تأويل قوله تعالى:
(فادخلوا أبواب جهنم خالدين فيها فلبئس مثوى المتكبرين) يقول تعالى ذكره، يقول لهؤلاء الظلمة أنفسهم حين يقولون لربهم: ما كنا نعمل من سوء: ادخلوا أبواب جهنم، يعني: طبقات جهنم، خالدين فيها يعني: ماكثين فيها، فلبئس مثوى المتكبرين يقول: فلبئس منزل من تكبر على الله ولم يقر بربوبيته ويصدق بوحدانيته جهنم. القول في تأويل قوله تعالى:
(وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة ولدار الآخرة خير ولنعم دار المتقين) يقول تعالى ذكره: وقيل للفريق الآخر الذين هم أهل إيمان وتقوى لله: ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا يقول: قالوا: أنزل خيرا. وكان بعض أهل العربية من الكوفيين يقول:
إنما اختلف الاعراب في قوله: قالوا أساطير الأولين، وقوله: خيرا، والمسألة قبل الجوابين كليهما واحدة، وهي قوله: ماذا أنزل ربكم لان الكفار جحدوا التنزيل، فقالوا حين سمعوه: أساطير الأولين، أي هذا الذي جئت به أساطير الأولين ولم ينزل الله منه شيئا. وأما المؤمنون فصدقوا التنزيل، فقالوا خيرا بمعنى أنه أنزل خيرا، فانتصب بوقوع