لأغوينهم. وعنى بقوله: لأزينن لهم في الأرض لأحسنن لهم معاصيك، ولأحببنها إليهم في الأرض. ولأغوينهم أجمعين يقول: ولأضلنهم عن سبيل الرشاد. إلا عبادك منهم المخلصين يقول إلا من أخلصته بتوفيقك فهديته، فإن ذلك ممن لا سلطان لي عليه ولا طاقة لي به. وقد قرئ: إلا عبادك منهم المخلصين فمن قرأ ذلك كذلك، فإنه يعني به: إلا من أخلص طاعتك، فإنه لا سبيل لي عليه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك: إلا عبادك منهم المخلصين يعني: المؤمنين.
حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا هشام، قال: ثنا عمرو، عن سعيد، عن قتادة: إلا عبادك منهم المخلصين قال قتادة: هذه ثنية الله تعالى ذكره. القول في تأويل قوله تعالى:
(قال هذا صراط علي مستقيم ئ إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين) اختلفت القراء في قراءة قوله: قال هذا صراط علي مستقيم فقرأه عامة قراء الحجاز والمدينة والكوفة والبصرة: هذا صراط علي مستقيم بمعنى: هذا طريق إلي مستقيم.
فكان معنى الكلام: هذا طريق مرجعه إلي فأجازي كلا بأعمالهم كما قال الله تعالى ذكره: إن ربك لبالمرصاد. وذلك نظير قول القائل لمن يتوعده ويتهدده: طريقك علي، وأنا على طريقك فكذلك قوله: هذا صراط معناه: هذا طريق علي وهذا طريق إلي.
وكذلك تأول من قرأ ذلك كذلك. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحرث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء وحدثني الحسن بن محمد، قال: ثنا شبابة، قال: ثنا ورقاء وحدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل وحدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الله، عن ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: هذا صراط علي مستقيم قال: الحق يرجع إلى الله وعليه طريقه، لا يعرج على شئ.